فصل
في كيفية الغسل و أحكامه
غسل
الجنابة مستحب نفسى و واجب غيري للغايات الواجبة و مستحب غيsري
للغايات المستحبة و القول بوجوبه النفسي ضعيف(1).
(1) الاقوال مختلفة فالمشهور ذهبوا الى ان غسل الجنابة
واجب غيرى و ذهب ابن حمزة و جماعة من المتأخرين الى عدم الوجوب و قول
ثالث الى ان غسل الجنابة مستحب نفسي و استدل له بقوله تعالى: « إنّ
اللّه يحبّ التوابين و يحبّ المتطهرين »
حيث ان الغسل من الجنابة طهارة كما ان المغتسل منها يكون متطهراً و ورد
فى الترغيبات على الطهارة بما هو المروي عن مجالس ابن الشيخ و فيه: ان
استطعت ان تكون فى الليل و النهار على الطهارة فافعل فانك تكون اذا مت
على طهارة شهيداً و ان ما يثبت استحباب الجنابة على نحو الامر النفسي
فيكون على الطهارة بخلاف بقية الغايات الاخرى كما انه لو جاء بالغسل
على نحو الجنابة مطلقاً بما يقابل الغايات فاثبات مشروعيته محتاج الى
دليل و لذا ذهب الشيخ الاعظم قدس سره فى التنبيه الثالث من مبحث
نية الوضوء الى انه لو جاء المكلف بنية
.........................
الوضوء على نحو الاطلاق يوجب بطلان وضوئه و ذلك لما ذكر
بعد جملة من كلامه و هنا قسم خامس و هو ما لو نوى المحدث بالاصغر وضوء
مطلقاً و ذكره الفاضلان و الشهيد فى الذكرى مقابلاً للوضوء للغايات حتى
الكون على الطهارة خرج عن المقسم و هو الوضوء المندوب لكونه على هذا
الوجه تشريعاً محرماً، انتهى.
و المهم ان الجنابة اذا لم تعنون بعنوان الكون على
الطهارة او احد الغايات الاخرى كما بالنسبة الى الوضوء يكون اتيان
الجنابة او الوضوء على نحو الاستحباب المطلق او الندب المطلق فان ذلك
موجب للتشريع.
كما ان هناك قول رابع و هو وجوب الغسل بنحو الامر
النفسي و استدل له في قوله تعالى: « ان كنتم جنباً فاطهروا ».
و وجه
الاستدلال بما ان الامر بالغسل يوجب ان يكون امراً نفسياً.
و استدل بالاخبار كما ورد في ان الدين لا يقبل الذي لا
يقبل اللّه تعالى من العباد غيره و لا يعذرهم على جهله شهادة ان لا
اله الاّ اللّه و انّ محمّداً رسول اللّه صلىاللهعليهوآله
و الصلوات الخمس و صوم شهر رمضان و الغسل من الجنابة.
و وجه
الاستدلال حيث ان جعل غسل الجنابة من جملة ركائز الدين و هذا مما يثبت
كونه واجباً نفسياً لا غير.
و كذا استدل على كونه واجباً نفسياً ما ورد في قولهم
عليهمالسلام : اذا التقى
.........................
الختانان
فقد وجب الغسل.
و ورد في
قوله عليهالسلام : اتوجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه
صاعاً من ماء.
و قد أورد
على مورد الآية ان المستفاد منها بقرينة صدر الآية في قوله تعالى: «
اذا قمتم الى الصلوة فاغسلوا وجوهكم و ايديكم » فان الصدر اخذ لبيان
الشرطية و هذا مما يدل على ان الامر بالغسل او الوضوء الى اثبات الشرط
في تحقق الواجب كما انه قوله تعالى: « او جاء احد منكم من الغائط او
لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيّمموا صعيداً طيباً » كانت الآية في
مقام جعل التيمم بدلاً اضطرارياً عن الغسل و هذا مما يثبت القول
بالواجب الغيري.
و اما الاخبار فما استدل بان الدين لا يقبل الذي لا
يقبل اللّه تعالى من العباد الخ فان اخذ غسل الجنابة في عرض الشهادتين
و الصلوات الخمس و صوم شهر رمضان على نحو المقدمية للصلاة و ليس أخذه
الغسل في عرض ذى المقدمة.
كما ان مثل اذا التقى الختانان فقد وجب الغسل و كذا في
قوله أتوجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعاً من ماء كل ذلك
لاجل بيان تحديد موضوع الحكم كما في مثل الالتقاء فيما بين الختانين و
هذا خارج عن كون المورد لبيان الواجب النفسي فاذا كانت الاحكام لبيان
موضوعها فهي شاملة للامر النفسي و الغيري و لا تختص في احدهما.
.........................
و الذي يتجلى من هذا العرض الذي تناوله السيد الاستاذ
قدسسره فى الرد على القائلين بالوجوب النفسي يمكن أن يقدم الاعتراض
عليه فيما يلي:
اولاً: ان الآية التي ينظر اليها بمقتضى التفسير
التجزيئي على نحو الاصول الموضوعه العامه فلابد من ملاحظة الصدر من دون
الذيل فلا يثبت الواجب النفسي و انما هو في بيان الاستحباب النفسي كما
انه بناء على الاستنطاق القرآني أيضاً يثبت الاستحباب النفسي لما في
قوله تعالى: « إنّ اللّه يحبّ التوابين و يحبّ المتطهرين »
فان الطهارة محبوبة لدى المولى و ذلك بالعنوان الاولي اما كون الطهارة
واجبة نفسياً او غيرياً فذاك الأدلة ثانوية خارجة عن طبيعي الطهارة كما
ان في قوله تعالى: « و ان كنتم جنباً فاطهّروا »أيضاً
يراد بها الاستحباب النفسي لما يستشعر منها لبيان طبيعي المحبوبية و
انها دالة على مطلق الرجحان في ذلك.
و ما اشار اليه السيد الاستاذ قدسسره فيما بين
الصدر في قوله تعالى: « اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا ... » و بين الذيل
في قوله تعالى: « أو جاء احدٌ منكم من الغائط ... » من الارجاع الى
الشرطية فانما ذلك من نوع الارجاع الى الواجب الغيري للغايات الواجبة
دون ملاحظة اصل العنوان الكبروي في عنوان الطهارة بما انها مستحبة
نفساً.
و ثانياً:
ان ما اشكل على بعض الاخبار فيرد عليه قدسسره كما اشرنا فى
الآية المباركة بان في مثل ما ورد في ان الدين لا يقبل اللّه تعالى من
العباد غيره و لا يعذرهم على جهله شهادة ان لا اله الاّ اللّه و انّ
محمّداً رسول اللّه صلىاللهعليهوآله
.........................
و الصلوات
الخمس و صوم شهر رمضان و الغسل من الجنابة.
فان جعل الغسل من ضم دعائم الدين لبيان الوجود الواقعي و ليس لبيان
الواجب الغيري المقدمي و على فرض تمامية القول بالوجوب الغيري فذاك في
حال أخذ المقدمة غاية الواجب اذا اخذت على نحو الحيثية و الاضافة بنحو
الناظرية.
و ثالثاً:
ان في مثل قولهم اذا التقى الختانان فقد وجب الغسل و قولهم اتوجبون
عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعاً من ماء فان كلاًّ منهما و ان
كان لبيان الحد في موضوع الاحكام فبناء على تعدد الحيثيات في مقام
الجعل فيمكن أن يلحظ الاستحباب النفسي من حيث طبيعي الغسل كما يلحظ
تارة اخرى من تعدد الغايات الاخرى الواجبه.
ثم ان السيد الاستاذ قدسسره قد اعترض على القائل
بالواجب النفسي فقال: و عمدة ما اعتمدوا عليه في هذا المدعى ان غسل
الجنابة لو لم يكن واجباً نفسياً للزم جواز تفويت الواجب بالاختيار و
ذلك لأنّ المكلف اذا أجنب في ليال شهر رمضان فاما ان نقول ان غسل
الجنابة قبل طلوع الفجر واجب نفسى في حقه و اما ان نقول واجب غيرى، و
اما ان نقول بعدم وجوبه اصلاً و الأوّل هو المدعى، و اما على الآخرين
فيلزم المحذور، و ذلك لأنّ الواجب الغيري يستحيل ان يتصف بالوجوب قبل
وجوب ذى المقدمه فان المعلول لا يتقدم على علته، فلو كان الغسل مقدمة
فهو غير واجب قبل الفجر فاذا جاز ترك الغسل قبل الفجر لم يجب عليه
الصوم غداً لاشتراطه بالطهارة عند الصبح و قد فرضنا جواز تركها فجاز
تفويت الواجب
.........................
بالاختيار، و معه لا مناص من الالتزام بوجوبه النفسى
لئلا يرد هذا المحذور.
ثم ان
السيد الاستاذ اورد على هذا التصور بادلة:
اولاً: ان ذلك غير مختص بغسل الجنابة بل الامر كذلك فى
كل مقدمة لا يمكن الاتيان بها بعد دخول وقت الواجب كغسل الحيض و النفاس
و الاستحاضة فيما اذا طهرت قبل طلوع الفجر فلازم ذلك الالتزام بالوجوب
النفسى فى الجميع.
و ثانياً:
ان الحصر غير حاصر فان لنا ان نلتزم بوجوب الغسل للغير لا بوجوبه
النفسى و لا الغيرى، و هذا لا بملاك مستقل غير ملاك الواجب ليرد محذور
تعدد العقاب عند ترك الواجب لترك مقدمته، بل بملاك نفس ذى المقدمه لا
بوجوبه النفسي و لا الغيري و قد بيّنا في محله ان الواجب للغير غير
الواجب الغيري فنلتزم بان غسل الجنابة و غيره من المقدمات غير المقدورة
في ظرف الواجب واجب للغير فلا يتعين القول بالوجوب النفسى حينئذ للفرار
عن المحذور.
و ثالثاً:
يمكننا القول بوجوبه الغيرى لأنّ الصوم انما وجب من أوّل الليل بل من
أوّل الشهر لقوله تعالى: « فمن شهد منكم الشهر فليصمه »
بناء على ان المراد بالشهادة هو الرؤية فالوجوب قبل طلوع الفجر فعلي و
الواجب استقبالى و ظرفه متأخر كما التزمنا بذلك فى جميع الواجبات
المعلّقة و مع فعلية الوجوب تجب المقدمة و لا يشترط في وجوبها فعلية
ظرف الواجب أيضاً.
و رابعاً:
يمكننا انكار وجوب الغسل حينئذ راساً و لا نلتزم بوجوبه ولو مقدمة لانا
لا نلتزم بوجوب مقدمة الواجب عند فعلية وجوب ذي المقدمة شرعاً.................
فضلاً عما اذا لم يجب، و
انما تجب المقدمة عقلاً تحصيلاً للغرض الملزم فان ترك المقدمة تفويت
اختياري للواجب بلا فرق في ذلك بين الوقت و بعده لأنّ العقل هو الحاكم
بالاستقلال في باب الاطاعة و العصيان و حيث ان الاتيان بالواجب موقوف
على اتيان مقدمته ولو قبل الوقت فالفعل مستقل بلزوم اتيانه كذلك لأنّ
تركه ترك للغرض الملزم بالاختيار.
ولكن يمكن
ان نورد على الدعوى كما نورد على جواب السيد الاستاذ قدسسره
فاما الرد على الدعوى فانا نلتزم بالاستحباب النفسى و لا نقول بالوجوب
النفسى و ان تفويت المصلحة اذا اخذ الاستحباب النفسى غاية للواجب فان
ذلك موجب لتفويت المصلحة من اتيان الواجب و فرق بين لحاظ الواجب النفسى
غاية لما يترتب عليه من الغرض على نحو الاناطة و بين عدم اخذه غاية
فانّه على الثانى لا يوجب تفويت الواجب.
و عليه يمكن ان ينظر للامر الاستحبابي النفسي من حيث
ذاته بما انه مرغوب و محبوب لدى المولى كما بالنسبة الى الطهورية فانها
محبوبة و فيها مؤدى الرجحان كما فى الغسل للكون على الطهارة دون
الارجاع الى الغايات الاخرى و اما اذا اخذت الطهارة لغايات اخرى كالغسل
للصلاة و نحوها بما انها تابعة لغاية واجبة فاذا لم يؤد الغسل يوجب
بذلك فوات الواجب.
و عليه فما اورده السيد الاستاذ قدسسره بامكان
الارجاع الى غير الاختصاص بالجنابة ولكن بملاحظة كون الغسل اخذ على نحو
الامر الطبيعي للطهارة سواء كان
.........................
الاتيان بغسل للجنابة ام بالحيض ام بالنفاس ام
بالاستحاضة فان كل واحد ينطبق عليه في حال غسله انه اوجد طبيعي الغسل
بما انه يحمل صفة الطهارة او لكونه على نحو الطهارة و هي محبوبة لدى
المولى لجهة الرجحان في تلك الطبيعة.
كما يرد عليه قدسسره فى الرد الثاني ان الحصر
غير حاضر اذ الارجاع الى غير النفسي و الغيري ربما هو بملاك نفس ذى
المقدمة بما انه واجب بالغير لا الواجب الغيري فان ذلك يوجب الخروج عن
مورد الدعوى حيث ان ما وقع عليه موضوع البحث الواجب النفسي بما انه
قائم على الاستظهار الخطابي و اما الارجاع الى الواجب بالغير دون
الواجب الغيري للفرق بينهما فان الواجب بالغير يشمل الواجب النفسي و
الغيري معاً الا انه يختلف كل واحد عن الطرف الآخر بالنظر الى مورده
كما انه يشمل الواجب بالاصالة و الواجب بالتبع و أيضاً يختلف باختلاف
موارده.
كما يرد عليه قدسسره فى الايراد الثالث بان وجوب
الصوم و ان كان فى أوّل الشهر اخذ على نحو الواجب المعلق لكون الوجوب
فيه فعلياً و ان كان الواجب استقبالياً الا ان الالتزام بالواجب المعلق
و ان كان المختار لدينا ذلك كما عليه رأى السيد الاستاذ قدسسره
الا ان ذلك لا يوجب انكار الواجب النفسي او الالتزام بالاستحباب النفسي
كما هو المختار لدينا هذا مع انه بحسب مسلكنا من الاختلاف بين شروط
الواجب و شروط الوجوب للاختلاف السنخي بينهما و عليه اذا كان الوجوب
فعلياً و الواجب في ظرف استقبالي فانّه لا يمنع أيضاً بالنسبة الى كون
الامر الاستحبابي نفسياً بالفعل و ظرف اداء غسل الجنابة في وقت لاحق.
و اما رده الرابع فهو مبنى على الضوابط الاصولية فانّه
كما تفضّل به سماحته ان البناء على عدم المقدمة الواجبة الشرعية بما
انها امر عقلي فلا ملزم للتمسك
.........................
بكونها واجبة شرعاً لعدم ثبوت الملازمة بين المقدمة و
ذيها و يكون البناء على ان الغسل بنحو الامر الاستحبابي فلا مانع من
ترك المقدمة و انما يؤتى به للرجحان و المحبوبية في ابتداء الامر فاذا
قدر الارجاع الى العنوان المقدمي فالعقل يحكم باستقلالية اتيان المقدمة
لتوقف ذيها عليها من غير اعتبار تلك المحبوبية الراجحة في مقام الخطاب
الشرعي.
و عليه يتضح ان الاستحباب النفسي في اصل موضوع غسل
الجنابة يستفاد منه بحسب استظهار الادلة بما له من العنوان الاولي و
اما ما يترتب عليه من الغايات فقد تكون واجبة و قد تكون مستحبة و الذي
يبدو من المحقق الآملي قدسسره الخلط بين النظر الى اطلاق
الاستحباب النفسي من حيث هو و بين ما يترتب عليه من الاطلاق في مثل
المندوب الغيري و انه احرى من ان يقال بانه مستحب نفسي و يقول
قدسسره : و قد ظهر بذلك انه واجب غيري للغايات الواجبة المترتبة عليه
و مندوب غيري للغايات المستحبة.
فانه يرد
عليه حيث اشرنا الى الفرق بين ذات الوجود بما انه مستحب نفسي ينظر اليه
من خلال الاطلاق او من خلال المحبوبية الذاتية في ذات الوجود كالطهارة
و بين ما يترتب عليه من الغايات الاخرى التي تختلف باختلاف مواردها فقد
تكون واجبة و قد تكون مستحبة.
و المهم ان الادلة واضحة الدلالة في اثبات الاستحباب
النفسي لعموم قوله تعالى: « و يحبّ المتطهرين »
و النبوي في قوله صلىاللهعليهوآله: «اكثر من الطهر يزد
اللّه
.........................
تعالى في
عمرك سواء استطعت ان تكون بالليل و النهار على طهارة فافعل فانك تكون ـ
اذا مت على طهارة ـ شهيداً».
و ما ورد في تغسيل الملائكة حنظة الانصاري حين استشهد.
فان دالة الرواية أيضاً فى اثبات الاستحباب النفسي و في موثق سماعة و
كذا في صحيح البصري في نوم الجنب و كذا ما هو المروي في كتاب الاحتجاج
في حديث الزنديق من قول الصادق عليهالسلام كانت المجوس لا تغتسل
من الجنابة و العرب كانت تغتسل و الاغتسال من خالص شرائع الحنفية.
الا ان
البحث تارة في اصل عنوان الاستحباب النفسي بما يستفاد من استظهار
الادلة و اخرى اذ ينظر للاستحباب النفسي من خلال الكون على الطهارة و
ثالثة يتصور الاستحباب بما انه غاية للغير و رابعة بما انها راجعة
للملاك من حيث المحبوبية بما ان الادلة الاولية منساقة ابتداء
للاستحباب النفسي فيكون لحاظ الكون على الطهارة على نحو الامر النفسي
أيضاً ولكن بمرحلة طولية كما هو المستفاد من رواية ابن سنان في قوله
عليهالسلام : «علة غسل الجنابة النظافة لتطهير الانسان مما اصابه من
اذاه».
و ان كانت
النتيجة واحدة من حيث المؤدى بين النظر الى الاستحباب النفسى او الكون
على الطهارة فلم تكن هناك ثمرة عملية فيما بينهما فتأمل.
و لا يجب
فيه قصد الوجوب و الندب(1) بل لو قصد الخلاف لا يبطل اذا كان مع الجهل
بل مع العلم اذا لم يكن بقصد التشريع و تحقق
(1) بعد ان ثبت عدم وجوب غسل الجنابة نفساً كما انه لم
يكن واجباً غيرياً و انما هو مستحب نفسي فيؤتى به على نحو القربة و
الامتثال لذلك الداعي ولكن هل يمكنه ان يأتي بذلك الداعي قبل الوقت او
انه يأتي به على نحو وجود الوقت و حيث ان الامر النفسي لم يمكن فيه
تحديد وقت و انما يؤتى به في جميع الاوقات من غير تقييد بزمان معين و
عندئذ ينوى به قبل الوقت و بعده.
و اما الرجاء بالداعي على نحو التحديد في وقت معين كأن
يأتى به بداعى المقدمة لذى المقدمه و عليه لابد ان يؤخذ قيد الزمان و
الاضافة الخاصة التي تحدد فيما بين المقدمة و ذيها كل ذلك لاخذ الداعي
قيداً في ناحية الامتثال دون النظر الى وجوب المقدمة حيث ذكر ما في
مظانه عدم وجوب المقدمة و انما النكتة فى التقديم و التأخير لاخذ قيد
الداعى في ناحية الامتثال.
و بالجملة ان عدم وجوب قصد الوجوب و الندب بحسب نظر
المشهور من المتأخرين تمسكاً بعدم الدليل و عدم الاصل و هذا بخلاف ما
عليه المشهور من المتقدمين حيث يرون وجوب قصدهما ولكن القصد اليهما اما
بنحو الوصف كأن يقصد اتيان العمل بصفة كونه واجباً او ندباً او يكون
القصد لعنوان الغاية و ذلك بان ينوى اتيان العمل لوجوبه او ندبه و هو
ما يعبر عنه بقصد الوجه و انما سمى ذلك بالوجه و هو كون الوجوب و الندب
أخذاً على نحو الحكاية للملاك الذي اصبح به واجباً او ندباً و هذا ما
عليه مسلك المتكلمين من كون الواجبات الشرعية الطافاً فى الواجب العقلي
و يكون بعبارة اخرى ان الواجب يكون منتزعاً عن مصلحة فى المتعلق و هي
التي توجب الانشاء و تعرض المحقق الآملي قدسسره
.........................
الى انهم
استدلوا باعتبار قصده ـ اى الوجوب ـ تارة يتوقف التعيين عليه و اخرى
يدخله في تحقق الامتثال و ثالثة بقاعدة الاشتغال عند الشك فى الاقل و
الاكثر في مرحلة الاسقاط و رابعة بالاجماع المدعى على اعتباره و
التحقيق عدم اعتباره لعدم الدليل على اعتباره لا عقلاً و لا نقلاً.
اما
الأوّل لحكم العقل حيث يرى عدم الزيادة لما وراء انبعاث المكلف نحو
العمل و اما الثاني فلان النقل محتاج الى البيان يقع ما وراء كيفية الا
طاعة العقلية اذ الثبوت التعبدى يحتاج الى البيان فعدم البيان كاشف عن
عدم وجوده حيث انه لو كان لبان.
و اما
توقف التعيين عليه ففيه اولا بالمنع عنه بامكان التعيين بقصد قيود اخرى
للمطلوب بها يتميز عن الآخر و ثانياً ان الكلام مع قطع النظر عن
التعيينالتعيين امر آخر يحتاج اليه فيما اذا توقف عليه موافقة متعلق
ارادة الفاعل مع ما تعلق به ارادة الآمر لكن يتحقق بها الامتثال و يتم
بها الركن الأوّل من النية و اما قاعدة الاشتغال فالاقوى ان المرجع في
مثل المقام هو البراءة و ان كان المختار عند الشيخ الاكبر
قدسسره في مثله الاشتغال لكونه من باب الشك فى المحصل لكن التحقيق
البراءة لانها المرجع عند الشك فى الشرطية و الجزئية.
و اما الاجماع على اعتبار قصد الوجه فقد ادعى في عبائر
غير واحد من الاعيان لكن لم يعلم ان المجمعين ذهبوا اعتباره تعبداً من
باب انهم فقهاء بل يحتمل قوياً ان اجماعهم المتقدم من حيث انهم من
المتكلمين و قامت عندهم الادلة العقلية
منه قصد القربة(1) فلو كان قبل الوقت و اعتقد دخوله فقصد الوجوب
على
اعتباره فاستبعاد اعتبار امر خارج عن كيفية الا طاعة العقلية بالتعبد و
كونه على تقدير التعبدية مما يظن وصوله الينا لعدم الايكال فى اعتباره
الى حكم العقل بعد الجزم بعدم اعتباره عقلاً فى الاطاعة و كون القول
باعتباره ناشئاً عن بحث كلامي و هو لزوم قصد ملاك الامر فى العبادات و
هو لمكان الجهل به لا يحصل الا بقصد الوجهاى قصد ما هو معلول الملاك
من الوجوب و الندب حيث ان المعلول وجه العلة على ما هو طريق البرهان
الان و اختلاط الفقهاء مع المتكلمين لكونهم اصحاب الكلام مما يوجب
الوهن بهذا الاجماع بحيث لا يمكن الركون اليه و لا يضر نقله فى القطع
بعدم الاعتبار.
(1) و
الملاحظ لدينا فى هذا العرض انه بعد ما بنينا على الاستحباب النفسي
الناشىء عن طريق الاستظهار فى الخطاب الشرعي في ناحية الرجحان المنقدح
من خلال المحبوبية الذاتية و عليه يكون بالمآل الرجوع الى الملاك كما
هو الذي نعتقده فى ارجاع الخطابات الى الملاكات في نفس الامر ولكن ذلك
لا يثبت ان يكون اثبات الملاك الا بطريق الالزامي الذي يحتاج فيه الى
قصد الوجوب و انما يكفى فيه قصد الاستحباب لكون اصل الاستناد لم يكن
الانبعاث اليه على نحو الوجوب ابتداء و انما مفاده الرجحان و المحبوبية
فى المتعلق ما لم يصل الى غاية الزامية كالطهارة المشروطة بالصلاة
فانّه ورد لا صلاة الا بطهور و اما فى حال مثل سعة الوقت فاذا جاء
المكلف بالطهارة على نحو الاستحباب النفسي فانّه يمكنه ان يأتى بها في
ما قبل دخول الوقت و الاكتفاء بها للحصول على الفرض و المطلوب
.........................
المولوى في ناحية سقوط الامتثال كما انه يجزي فى اتيان
الطهارة و لما بعد دخول الوقت و بعين ذلك يمكن ان يؤتى بالطهارة على
نحو القيد الغائي كالارجاع الى الواجب الغيري فان كان القصد اليه بعد
دخول الوقت يكون مجزياً و ان قصده لاعتقاد بدخول الوقت ولكن في واقع
الامر ان الوقت غير داخل ولكن كان من قصده الاستحباب النفسي او قصد
بالطهارة الواجب الغيري و ان لم يدخل واقعاً فيمكن ان يقال بصحة القصد
اليها لأنّ القصد العنوانى لكبرى الطهارة حاصلة بالفعل و ان كان
الاشتباه فى التطبيق على مورد الاستحباب النفسى او على الواجب الغيري و
هذا لا يضر باصل القصد الى العنوان الكبروى.
كل ذلك بلحاظ اخذ القيود على نحو الحيثية تارة في ناحية
الداعى للاستحباب النفسي و اخرى الداعى للامر الغيري و اما اذا كان
المناط فى الارجاع الى الكبرى العنوانيه فى الاستحباب النفسي فيكفي في
صحة الطهارة.
و بالجملة ان ما يحقق موضوع التشريع المحرم و ذلك في
ناحية الارجاع الى القيود و الداعوية دون الارجاع الى الداعوية المطلقة
و الذي يبدو من بعض الاعلام عدم الفرق بين الامرين فان ذلك يحصل سبباً
للخلط بين القضايا المقيدة و القضايا المطلقة ثم ان ما يثبت بين نظرية
البرهان العلمي فى مثل الموافقة بين الاجماع في قصد الوجه و بين
الاتجاه العلمي في مسلك المتكلمين حيث قامت الادلة العقلية على اعتبار
قصد الوجه فان الحق كما تفضل به المحقق الآملي قدسسره ان ما
ينبعث من مقام الملاك الامري مختلف عن مقام ذات التعبد الشرعي فاذا
اوجب اختلاط الفقهاء مع المتكلمين بوجب و هنا في طبيعة الاجماع و بذلك
لا مجال للركون اليه.
.........................
و اما الكلام حول التلازم بين التشريع المحرم و البطلان
فعلى مسلك صاحب الكفاية قدسسره عدم الملازمة بين التشريع و
البطلان فى العمل مطلقاً و انما اناطه في خصوص ما اذا كان التشريع
راجعاً الى الامر و التكليف.
و كان
نظره في وجه الانحصار فى البطلان عدم التمكن من ايجاد قصد التقرب و
الامتثال و بذلك تمسك بالفرق بين عدم البطلان لاجل عدم القدرة على
التقرب و بين البطلان فيما اذا كان التشريع راجعاً الى الامر و
التكليف.
الا ان السيد الاستاذ قدسسره اعترض على صاحب
الكفاية قدسسره بانه لا يمكن المساعدة على ذلك لعدم انحصار
الوجه في بطلان العبادة مع التشريع بعدم التمكن عن قصد التقرب و
الامتثال ليفصل بين الصورتين بل له وجه آخر يقتضى بطلان العبادة مع
التشريع في كلتا الصورتين و هو مبغوضية العمل و حرمته المانعة عن كونه
مقرباً لأنّ حرمته البناء و التشريع تسرى الى العمل المأتى به فى
الخارج و به يحكم بحرمته و مبغوضيته و معهما كيف يكون العمل مقرباً به
ليحكم بصحته.
و ان كان
بحسب التحقيق العلمي ان ما يرتبط في سنخية التشريع لا يرتبط بسنخية
البطلان للاختلاف الواقعي بين الاحكام التكليفية و الوضعية لأنّ ارجاع
التشريع الى البطلان ان كان بملاك مثل المبغوضية فذاك يوجب الخروج عن
سمة الخطاب التشريعي كما انه يستفاد الخروج من مبنى الى مبنى آخر و هو
خلاف الصناعة و عليه يكون مناقشة السيد الاستاذ قدسسره لا
تتلائم مع الطرق الفنية.
لا يكون
باطلاً و كذا العكس(1) و مع الشك في دخوله يكفى الاتيان به بقصد القربة
للاستحباب النفسي و بقصد احدى غاية المندوب
(1) وجه قصد الخلاف بان يأتى بالغسل الواجب على نحو
الامر الاستحبابى (الندبي) ولكن بنحو الصفة الندبية دون التقييد بالندب
او العكس بان يأتي بالغسل الندبي بصفه الغسل الواجبي و هو أيضاً يكون
المأتي به على نحو الوجه الوصفي دون الامر التقييدي فان الاخير يستلزم
منه التشريع.
ثم لا يخفى ان ما يأتي به على نحو الامر الصفتي فان كان
في حال اللحاظ اخذ الوصف متعلقاً بالموصوف على نحو المطابقة للواقع
بحسب معتقده ولكن في واقع الامر كان من نوع الجهل في مقام التطبيق دون
الانطباق كأن نوى اتيان الغسل الواجب مع كونه في نفسه مستحقاً واقعاً
او نوى اتيان الغسل بداعى امره الواجب مثلاً مع كون امره في واقعه من
الامور الندبيه فاوقع الامر بحسب تصوره انه من المأمور به المتصف
بالوجوب مع كونه بصفة الندب فان مثل هذه الموارد من نوع الخطأ فى
التطبيق لاسباب ما تصوره في كون الوصف الوجوبي محل الوصف الندبي او كون
المورد من نوع الوصف او الغاية.
هذا اذا قدر الجهل و الخطأ فى التطبيق و اما بالنسبة
الى العلم مع فرض قصد التشريع في مقام الانشاء فان كان على مبنى
التلازم كما فى المبنى السابقيوجب القول بالبطلان مع القول بمبنى
السريان من عالم التصور الى عالم المقولة من عالم الذهن الى عالم
الخارج.
و اما على المبنى المعاكس فانّه يرى عدم الملائمة و عدم
ثبوت السنخية بين الامرين فلا يوجب البطلان الا على مبنى الارجاع الى
الملاك في ناحية المبغوضية و هنا خارج عن مقام التشريع و بذلك لا يكون
محالاً لتقرب بذلك المناط.
او بقصد
ما فى الواقع من الامر الوجوبي او الندبي(1).
و
اما على مسلك الارجاع الى الوحدة المشتركة بين الوجوب و الندب و انهما
نحو الوجود الواحد النوعي الحقيقي فاذا قصد الغسل الندبي في مورد
الاتيان بالغسل الواجبي فانّه مع فرض تعدد الارادة في كل منهما لا يمكن
ان يكون بعين ذلك واحداً حقيقة فيلزم من ذلك البطلان لاستلزامه
المنافاة بين الارادتين و يكون هذا من نوع الخطأ فى الانطباق دون
التطبيق بعكس الفرع الأوّل و بذلك يوجب البطلان فى الثاني دون الأوّل
لأنّ ما تعلقت به ارادته فى الواجب غير ما تعلقت ارادته فى الندب و ان
مورد التطبيق حقيقة واحد.
و اما على مبنى المطابقة بين الانطباق و التطبيق فذاك
تصور ثالث فى المقام يحتاج فيه الى البرهان في مقام الثبوت كما يحتاج
فيه الى مقام الاثبات.
و اما اخذ الوجوب او الندب على نحو الداعي الاولى بحيث
انه لو جاء بالمدعى الآخر لما كان متعلقاً له في مقام الامتثال نظير من
جاء الى صلاة الجماعة لامام معين فلو كان غيره لما انعقد لديه فيه
الائتمام فان ذلك موجب لعدم انعقاد الجماعة و هكذا الحال بالنسبة الى
من انعقد في ذهنه انه جاء بداعى الوجوب او الندب على نحو التقييد دون
الوصف فان ذلك موجب للبطلان.
(1) لانه بعد البناء على الفرق بين الامر الاستحبابي و
الكون على الطهارة ففي حال الشك في دخول الوقت يكون العنوان قبل الوقت
متغيراً من الاستحباب الى الوجوب و عندئذ لا مجال لقصد النية لاحدهما
على نحو الاجمال فيها بقاء على الممايزة بين الوجوب و الاستحباب بدون
اخذهما على نحو اللطف الآلهي فيهما و اما بناء على الوحدة بينهما فيمكن
القصد فيهما الى ذلك الوجود الوحدوي بنحو القربة المطلقة.
و الواجب
فيه بعد النية غسل ظاهر تمام البدن(1) دون البواطن
و اما لو اخذ عنوان القصد لغاية مندوبة خاصة فان لوحظ
في تلك الغاية على نحو الامر المقدمي للوصول الى ذى المقدمة كايقاع
الغسل او الوضوء قبل الوقت ولكن القصد كان على نحو الامر الاستحبابي
بما انه نفسي فلا اشكال في صحتهما و ان كان ذلك قبل الوقت.
(1) حيث مرّ الكلام في بحث نية الوضوء مفصلاً فلا مجال
للعودة مرة اخرى و انما الذي يناسب البحث التعرض الى غسل ظاهر تمام
البدن حيث ورد في صحيحة زرارة قال: سألت ابا عبداللّه
عليهالسلام عن الجنابة، فقال: تبدأ فتغسل الى ان قال: ثم تغسل جسدك من
لدن قرنك الى قدميك.
و كذا بما
ورد في صحيحة البزنطي عن الرضا عليهالسلام في حديث: ثم افض على
رأسك و سائر جسدك.
و ورد
أيضاً في موثقة سماعه يفيض الماء على جسده كله.
و في بعضها انها تمرّ يدها على جسدها كله.
و ورد
أيضاً من ترك شعرة من الجنابة متعمداً فهو فى النار.
و الشعر بيان لاجراء الغسل على تمام البدن و يراد به الاستيعاب الكامل
الا انه ذهب المحقق الخونساري قدسسره الى انه لا يبعد القول
بعدم الاعتداد بشيء يسير لا يخل عرفاً بغسل
.........................
جميع
البدن اما مطلقاً او في خصوص مورد النسيان و هذا ظاهر صحيح ابراهيم بن
أبي محمود قلت للرضا عليهالسلام : الرجل يجنب فيصيب جسده و رأسه
الخلوق و الطيب و الشىء الكلمة و الظرب ـ و ما اشبه فيغتسل فاذا فرغ
وجد شيئاً قد بقى في جسده من اثر الخلوق و الطيب و غيره، قال
عليهالسلام : لا باس به.
لو لم يكن اجماع على خلافه لكن الاولى ان لا يجتزىء عليه انتهى.
و في رواية الكليني عن محمد بن يحيى (الطراز) بدل الطرب
و الوافى (الطرار) قال: في البيان الذي عقب به الحديث الخلوق بالفتح
ضرب من الطيب ـ و هو الذي يستثنى للمحرم من انواع العطر ـ فيه تركيب و
الكلمه بالمهملة اللزج اللصيق، و فى التهذيب اللذق و الطراز بالمهملات
ما يطين به ويزين.
ولكن نظر
السيد الاستاذ قدسسره ان تعدد مثل هذه الكلمات فى الرواية لا
يناسبها ثم قال مستدركاً نعم المنقول في نسخ الوسائل (الظرب) و عن
الكليني (الطراز) ولكن النسخ مغلوطة قطعاً فان الكلمة ليست بالظاء بل
بالضاد بمعنى العسل الابيض الغليظ كما فى اللغة و فى مجمع البحرين ذكر
الحديث نفسه في مادة الضرب.
و هذا امر يناسبها كما لا يخفى بخلاف الظرب الذي هو بمعنى اللاصق فانه
كماترى لا يناسبها بوجه.
و الذي يستظهر فى الصحيحة عدم الوضوح في بيان اللاصق
بمعنى الحاجب و انما هو عبارة عن اللون او ما يكون فيه لاصقاً قابلاً
للارتفاع و ذلك يكون بمفاد
منه فلا يجب غسل باطن العين و الانف و الاذن و الفم و نحوها(1)،
الضرب دون
الظرب و هو معنى العسل الابيض الغليظ كما عليه اللغة فاذا قدر وجود اثر
مثل الخلوق و الطيب او شيء لاصق قابل للارتفاع فان ذلك يناسب استظهار
الصحيحة و اما مثل العلك او ما شاكل ذلك من الامور اللاصقة التي لا
تصلح للارتفاع فان ذلك من نوع المانع فى اجراء الماء على الموضع فلابد
من ازالته.
و اما ما ورد في رواية اسماعيل بن ابي زياد عن أبي
عبداللّه عليهالسلام قال: كن نساء النبي
صلىاللهعليهوآله اذا اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطيب على
اجسادهن و ذلك ان النبي صلىاللهعليهوآله امرهن ان يصبن الماء
صباً على اجسادهن.
و كذا ما
ورد في موثقة عمار عن أبي عبداللّه (فى الحائض تغتسل و على جسدها
الزعفران لم يذهب به الماء) قال: لا بأس.
فان مثل
هاتين الروايتين لبيان بقاء اللون على الجسد دون عنوان وجود مادة لاصقة
تكون على نحو الخاص و لذا فان النبي صلىاللهعليهوآله حكم
بعدم البأس و اما في حال ماله مادة قابله للازالة امرهن ان يصبن الماء
صباً و ذلك لقصد الازالة و عندئذ لا مجال لدعوى المعارضة لاحتمال بقاء
يسير لم يجر عليه الماء فى ظاهر البدن هذا مع ان مثل هاتين الروايتين
قد اعرض عنهما المشهور فيقدح في حجيتهما.
(1) فان في مثل البواطن كالعين و الانف و الاذن و الفم،
لا تقع مورداً لترتب الحكم في ناحية اجراء الماء في داخلها و انما
المحكوم عليه ظاهر البدن دون باطنه و عليه جملة من الفقهاء نفي الخلاف
كما عن صاحب الحدائق قدسسره كما يدل بذلك جملة من الاخبار كمرسل
الواسطي أبي يحيى عن الصادق عليهالسلام الجنب
.........................
يتمضمض
و يستنشق، قال عليهالسلام : لا انما يجنب الظاهر.
و في علل
الصدوق : و لا يجنب الباطن و الفم من الباطن.
و في
الفقيه : و من احب ان يتمضمض و يستنشق في غسل الجنابة فليفعل و ليس ذلك
بواجب لأنّ الغسل على ما ظهر لا على ما بطن.
كما انه ما ورد في خبر زرارة : انما عليك ان تغتسل ما ظهر.
و اما المحتمل عن المقنعة و التذكرة فى الامر بغسل باطن
الاذنين فيراد بهما بطن سطحهما دون ما اعتبر من داخل الاذنين و انما
المعتبر فيهما ظاهرها و هو المراد بهما ذلك الخلاف المنحنى الذي يكون
من الظاهر دون الباطن.
اما الرجوع الى ما يترتب على غسل الارتماسي فى الفحص عن
العيينين اللذين هما من الباطن بعد كون الارتماسي يكون مجزياً عن
الترتيبي كما هو المستفاد من الاخبار بانه اذا ارتمس ارتماسة واحدة
اجزائه.
و بهذا الانسياق يمكن دعوى غسل البواطن منهما.
و يرد على هذه الدعوى ان الاجزاء فيما يقع بين ما هو
الطرف المقابل فيما بين الترتيبي و الارتماسي بلحاظ جهة الترتيب دون
لحاظ الخصوصيات بما يحمله كل طرف فعندما يكون الابتداء فى الترتيبي من
الرأس ثم يشرع فى الطرف الايمن ثم الايسر و هذا بخلاف الارتماسي فان
الابتداء اولاً من الرجلين اذ كان واقعاً فى
و لا يجب غسل الشعر مثل اللحية بل يجب غسل ما تحته من البشرة(1) و لا
يجزي غسله عن غسلها، نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار
الماء و
اراد الخروج منه الى الفوق ثم الشروع بعد ذلك الى البدن و منه الى تمام
الرأس و يكون لحاظ الاجزاء بما يقابل الترتيب و لم يكن الاجزاء بما
يقابل خصوصيات المحل فيما بين الارتماسي مع الترتيبي كما ان الحكم فى
اخراج البواطن بالنسبة الى الوضوء أيضاً. حيث ان الاخبار معللة بعدم
وجوب غسل داخل الانف و العين في روايات المضمضة بانها من الجوف.
و يكون لسان تلك الاخبار على ان الجوف لا يغسل و انما الواجب غسل ما
ظهر و هذا ما يدل عليه جملة من الروايات.
(1) بما
ان المطلوب في عنوان الغسل وصول الماء الى البشرة حساً و واقعاً دون
مطلق اجراء الماء على الشعر فان ذلك لا يصدق عليه غسل البشرة حقيقة و
انما يصدق عليه على نحو التسامح العرفي و هذا غير كاف و فى الجواهر
عليه الاجماع محصلاً و منقولاً و قد استفاضت فيه الاخبار و لا يفرق في
ناحية الشعر بين كثيفه و خفيفه.
و مما يدل عليه الاخبار صحيحة زرارة، قال: سألت أبا
عبداللّه عليهالسلام عن غسل الجنابة؟ قال: تبدء فتغسل كفيك ثم
تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك و مرافقك ثم تمضمض و استنشق، ثم تغسل
جسدك من لدن قرنك الى قدمك ليس قبله و لا بعده وضوء كل شىء امسته
الماء فقد انقيته.
.........................
و
في صحيحة اخرى: ثم افض على رأسك و جسدك.
و في
موثقة سماعة: يفيض الماء على جسده كله.
و في بعضها: جلدك الماء فحسبك.
و في خبر آخر: الجنب ما جرى عليه الماء من جسدك قليله و كثيره فقد
اجزأه.
فان
الظاهر من هذه الاخبار النظر لعنوان الجسد و ليس لموضوع الشعر و هو
خارج عن البدن حيث ان حقيقة الشعر يحمل منابت و بويصلات توزع في داخل
الجسد فلا علاقة له اساساً بالبدن حتى انه ورد: ان النساء يبالغن في
غسل مواضع الشعر من جسدهن.
و مفاده ان الواجب التعمق بايصال الماء الى البشرة و المبالغة عبارة عن
معنى التحقق في ايصال الماء للاطمئنان الكامل.
و اما ما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام
من قوله: أرأيت ما احاط به الشعر؟ قال عليهالسلام : كل ما احاط
به الشعر فليس للعباد ان يطلبوه او ان يغسلوه.
حيث من
المحتمل المقصد الى غسل ما احاط به الشعر كناية على ان ما احاط به
الشعر فى الوضوء لما يكون لدى النساء على الغالب و ربما يكون من الرجال
كذلك فيراد به عندئذ غسله الا ان التعدي الى غير الوضوء محتاج الى
الدليل
.........................
كما لا
يراد به غسل الشعر من دون غسل البشرة فان ذلك خلاف ما يستفاد من
الرواية و المهم ان الملاحظ من مجموع هذه الروايات ان يقع الغسل على
البشرة دون الغسل على الشعر لانه خارج عن حد الجسد و بذلك لا يكون
مجزياً.
الا انه ورد التأمل من قبل الاردبيلي قدسسره بعد
تمسكه بالاجماع في صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام قال: قلت
له: أرأيت ما كان تجف الشعر؟ قال عليهالسلام: ما احاط به الشعر
فليس للعباد ان يغسلوه و لا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء.
و كذا في خبر محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام
قال: الحائض ما بلغ الماء من شعرها اجزءها و لما ورد من اجزاء غرفتين
او ثلاث لغسل الرأس في غير واحد من الاخبار حيث ان من البعيد ان يصل
الماء الى البشرة بعد غرفتين او ثلاث كما في مثل رأس النساء او غير مما
على رأسه شعر كثير. و هذا يدلنا على اجزاء غسل الشعر عن غسل البشرة.
ولكن
المستفاد من الروايات ثلاث غرفات او حفنات و لم يثبت عن غرفتين و هذا
ما ورد في صحيحة زرارة قال: قلت كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن اصاب
كفه شىء غمسها فى الماء، ثم بدأ بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب على
رأسه ثلاث أكف ثم صب على منكبه الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين
فما جرى عليه الماء فقد اجزءه.
و كذا بما
ورد في صحيحة ربعى بن عبداللّه عن أبي عبداللّه عليهالسلام
قال: يفيض
.........................
الجنب على
رأسه الماء ثلاثاً لا يجزئه اقل من ذلك.
و ان المراد ثلاثاً للدلالة على التعميم بما يشمل الاعم من الاكف و ليس
لبيان الحصر فى الاكف و في موثقة سماعة ثم ليصب على رأسه ثلاث مرات
ملء كفيه.
و يكون
مفاد جريان الماء بما ينطبق على مجرى الشعر بما انه مسترسل غالباً
فيسرى الماء فيما بينه على نحو الانسياب و التقاطر دون اخذ الحيّز من
الماء فاذا تكرر جريان الماء على نحو ثلاث اكف يكون على نحو الكشف في
وصوله الى البشره بحسب العاده الا ان يكون هناك وجود مانع فى البين و
هذا مورد نادر و لذا بالنسبة الى جانب الايمن اعتبر فيه الصب مرتين و
كذا الايسر فان ذلك لاجل كون الماء بحسب طبعه بما انه سائل بالطبع
فيجرى على طبق العادة فاذا كان الماء بامرار اليد عليه يكفى الغسل ولو
بمرتبة الدهن في ناحية ايصال الماء على الجسد. و عليه يكون النظر الى
الرأس بما انه يحتاج فى الغسل الى اكثر من كف بخلاف الجانبين فانه
يكتفى بكفين لكل واحد من الجانبين.
هذا بالاضافة الى ما ورد في رواية محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليهالسلام قال: الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها اجزءها.
فان
المستفاد منها ان البلل الذي وقع مصب الشعر و هو عبارة عن موقع المنبت
من الشعر دون الشعر نفسه و يكون على ذلك بمفاد ما ورد عن النبي
صلىاللهعليهوآله من ان تحت كل شعرة جنابة، فان دلالة الحديث وارد
في مقام غسل ما تحت الشعر
.........................
دون ذات
الشعر.
و اما ما ورد فى المرسل المروي و فيه تحت كل شعرة جناية
فبلوا الشعرة و نقوا البشرة لا يراد ببل الشعر بما ان له موضوعية و
انما يراد به الوصول الى البشرة لتكون تبعاً لها او يراد الشعر الخفيف
الذي تحت غسله.
و على ضوء هذا العرض بان الغسل انما يقع على البشرة دون
الشعر فاذا قدر وجود شعرة دقيقة تعتبر من ضمن الوجه و من اصوله فيجرى
عليها حكم وجوب الغسل لانها من توابع البدن ولكن اذا كان شعر فيه نوع
كثافة و كثرة فانّه ورد في حقه الكاهل عن الصادق عليهالسلام و
فيه منها ان تروى رأسها من الماء و تعصره حتى يروى فاذا روى فلا بأس.
هذا بيان لجهة التروى في ناحية المبالغة فى الماء لاجل ايصال نحو
البشره.
و ورد في الحديث القرن شعر المرءة خاصة و الجمع قرون و
منه سبحان من زين الرجال باللحمى و النساء بالقرون و قال في مرآت
العقول المشطة بالجمع او المصدر و الثاني اظهر و حكى عن والد العلامة
ما لفظه: يعنى لم يكن في زمان رسول اللّه صلىاللهعليهوآله
هذه الضعفاء بل كن يفرقن اشعار رؤسهن في أربعة امكنة و كان ايصال الماء
و قال الفاضل التستري كان هذه الامكنة مواضع الشعر المجموع و لعلها
المقدم و المؤخر و اليمين و اليسار انتهى ما ذكره مرآت العقول.
و على ضوء ذلك ورد في حسنة جميل قال: سألت ابا
عبداللّه عليهالسلام عما تصنع النساء في الشعر و القرون؟ فقال
عليهالسلام: لم تكن هذه المشطة انما يجمعنه،
.........................
ثم وصف
اربعة امكنة ثم قال يبالغن فى الغسل.
و ورد في صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر
عليهالسلام قال: حدثنى سلمى خادم رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله قال: كان اشعار نساء النبى
صلىاللهعليهوآله قرون مقدم رؤسهن فكان يكفيهن من الماء شىء قليل
فاما النساء الآن فقد ينبغى لهن ان يبالغن الماء.
و ورد في علة الغسل من الجنابة ان آدم
عليهالسلام لما اكل من الشجرة دب ذلك في عروقه و شعره و بشره فاذا
جامع الرجل خرج الماء من كل عرق و شعرة فى الجسد فاوجب اللّه تعالى
على ذريته الاغتسال من الجنابة.
كل هذه الروايات و نحوها تؤكد على ان وجوب الغسل على
موضوع البشرة دون ذات الشعر و اما بالنسبة الى الشعر الخفيف فيعتبر من
البدن دون النظر الى الشعر نفسه.
و ان كان هناك اتجاه آخر من العلماء كما فى المعتبر و
الذكرى و نحوهما يرون عن وجوب الغسل مطلقاً و فى المنتهى عدم الخلاف
فيه حيث كان التعبير لبعض الفقهاء ان الواجب ايصال الماء الى اصل كل
شعرة كما فى المعتبر و لعل المقصود منه نفس البشرة في ناحية ايصال
الماء اليها و يكون غسل الشعر لجهة المقدمة و لا يراد بالغسل الشعر على
نحو الانضمام دون الاتحاد و في مورد الشك في وجوب غسل الشعر الاصل
البراءة كما ان عدم وجوب غسل الشعر لا يفرق الحال فيه بين المستطيل و
المجعّد سواى كان من الرأس ام من اللحية و عليه فلا يجب غسل الشعر
مطلقاً او لا يجب مسمى غسل الشعر الظاهر هو الثاني دون
المحسوبة جزء من البدن مع البشرة و الثقبة التي فى
الاذن او الانف للحلقة ان كان ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها و ان
كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر وجب غسلها(1).
و له
كيفيتان:
الاولى: الترتيب، و هو ان يغسل الرأس و الرقبة اولاً(2)
ثم الطرف
الاول حيث
انه بالامكان غسل الشعر اذا اخذ طريقاً للبشرة كما لا يخفى.
(1) يفرق بين الثقبة فى الاذن و الانف ان كانت واسعة
بحيث يرى باطنها و بين الثقبة الضيقة التي لا يرى داخلها من خارجها فان
كانت على النحو الأوّل تعتبر من الظاهر و ان كانت على النحو الثاني
تحتسب من الباطن فلا يجب غسلها.
(2) بما ان الغسل قائم على حركتين: احداهما: ناظرة الى
العمل الترتيبي فيؤخذ كل وجود متعقباً لوجود آخر على نحو الطولية. و
ثانيهما: ناظر الى العمل الجمعى دون الفردى و ان كلا منهما اخذ بنحو
الوجود المقولى الخارجي فاذا بنى الغسل في كل منهما على الجهة
العنوانية فيراد بهما الطهارة الغسلية و ان بنى الغسل منهما على
الوجودات الخارجية و ذلك بلحاظ الجهة المعنويته من اراد العنوان
لمعنونه فيراد في كل غسل منهما مأخوذاً فيه جهة التحديد الخارجي فيكون
كل جزء ماخوذاً فيه الجهة التقييدية بحيث اذا اخل في جزء من الافعال
يوجب البطلان.
و المهم ان الكلام تارة يقع في تحديد موضوع الغسل
الترتيبي و الارتماسي و اخرى في ناحية الحكم و مصادرهما التشريعيه.
اما بالنسبة الى الأوّل و هو الموضوع و يتحدد ذلك بما
يلي:
.........................
1 ـ
الغسل الترتيبي
و المراد به ان يبدء فى الغسل بالرأس مقدماً فيه على
الجانب الايمن و الايسر ثم يقوم ثانياً بغسل الطرف الايمن الى تمام
القدم الايمن و بعد ذلك يقوم بغسل الطرف الايسر الى تمام القدم الايسر
هذه حالة يمارسها المكلف في اداء وظيفته الشرعية و هذا ما يدل عليه
صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهالسلام قال: سألته عن غسل
الجنابة ـ الى عن كيفيته ـ فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك ثم
تصب على راسك ثلاثاً ثم تصب على سائر جسدك مرتين فما جرى عليه الماء
فقد طهر او (طهّر).
و يكون
الاستظهار منها لبيان تقديم الرأس على الجانبين بمقتضى كلمة ثم للترتيب
و التراخى هذا مع تقديم الامور المستحبة على الرأس كما في قوله: تبدأ
بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك.
و هكذا في صحيحة زرارة قال قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال:
ان لم يكن اصاب كفه شيء غمسها فى الماء ثم بدأ بفرجه فانقاه بثلاث غرف
ثم صب على رأسه ثلاث اكف ثم صب على منكبه الايمن مرتين و على منكبه
الايسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد اجزأه.
و دلالتها
في تقديم الرأس اولاً و بعد ذلك فى الجانب الايمن و الايسر بمقتضى كلمة
ثم للترتيب. و أيضاً ورد في موثقة سماعة عن أبي عبداللّه
عليهالسلام قال: اذا اصاب الرجل جنابة فاراد الغسل فليفرغ على كفيه و
ليغسلهما دون المرفق،
.........................
ثم يدخل
يده فى انائه ثم يغسل فرجه ثم ليصب على رأسه ثلاث مرات ملء كفيه ثم
يضرب بكف من ماء على صدره و كف بين كتفيه.
و ظاهر التحديد فى الابتداء من الرأس لما في قوله: ثم ليصب على رأسه
ثلاث مرات.
و كذا في صحيحة زرارة عن أبي عبداللّه
عليهالسلام قال: من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدأ له ان يغسل
رأسه لم يجد بداً من اعادة الغسل.
و ظاهرها
بطلان الغسل في حال تقديم البدن حيث ان العودة الى الرأس بعد ذلك موجب
لخلاف الترتيب و عليه لابد من اعادة الغسل من جديد. و اما في صورة جعل
غسل الرأس مقارناً للبدن فايضاً لا يستفاد منه صحة الغسل لاخذ الترتيب
على نحو الجهة التقييدية. و هذا ما تدل عليه رواية حريز عن أبي
عبداللّه عليهالسلام قال: من اغتسل من جنابة و لم يغسل رأسه،
ثم بدا له ان يغسل راسه، لم يجد بداً من اعادة الغسل.
و هي أيضاً دالة على بطلان الغسل لمخالفته للترتيب.
و من خلال
هذه الروايات يستفاد منها شرطية الترتيب فيما بين الافعال الغسلية. و
هذا ما عليه المشهور أيضاً و لم ينقل خلاف الا عن الصدوقين و ابن
الجنيد ولكن فى الجواهر يرى عدم صراحة كلامهم فى الخلاف بل وجود قرينة
على عدمه الا ان ورد في صحيح حريز الواردة فى الوضوء، قال قلت: فان جف
الاول قبل ان اغسل الّذي يليه؟ قال عليهالسلام: جف او لم يجف
اغسل ما بقى. قلت: و كذلك غسل الجنابة؟ قال عليهالسلام : هو
بتلك المنزلة و ابدء بالرأس ثم افض على ساير
الأيمن من البدن ثم الطرف الايسر(1) و الاحوط ان يغسل النصف الايمن
جسدك.
قلت: و ان كان بعض يوم؟ قال عليهالسلام: نعم.
فان
المستفاد منه بيان تقديم غسل الرأس على بقية غسل الجسد و هذا ما جعل
تنزيل الغسل منزلة الوضوء بلحاظ عموم المنزلة و ليس لجهة مورد السؤال
من حيث الجفاف فيما بين العضو المتقدم و اللاحق.
(1) بما ان الترتيب منساق تارة لبيان موضوع الرأس و هذا
ما اشرنا اليه فى الارجاع الى الروايات عند بيان كيفية الترتيب من حيث
الابتداء بالرأس و اخرى لبيان موضوع المنكبتين و الكتفين و هذا بعين ما
اشارت اليه الروايات السابقة التي منها صحيحة محمّد بن مسلم السابقة في
قوله عليهالسلام: ثم تصب على ساير جسدك مرتين فما جرى عليه
الماء فقد طهره الدال فيه على الترتيب.
و كذا فيما ورد في صحيحة زرارة، قال قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم
يكن اصاب كفه شيء غمسها فى
الماء ثم بدا بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب على رأسه ثلاث اكف ثم صب
على منكبه الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين فما جرى عليه الماء
فقد اجزأه. حيث دلت على وقوع الترتيب فيما بين المنكبين او ما يعبر عن
احدهما بالايمن و الثاني بالايسر.
الا ان الكلام بالنسبة الى موضوع الترتيب هل هو واجب
فيما بين الرأس و المنكبين او انه لا ترتيب فيما بين المنكبين حيث ان
الروايات متعرضة الى امور استحبابية ضمن الامور الترتيبية. كما في
قوله: صب على رأسه ثلاث اكف ثم صب على منكبه الايمن مرتين او قوله:
ليصب على رأسه ثلاث مرات. و قوله: تبدأ
.........................
بكفيك او
ان الروايات تعرضت لمجموعة من الاحكام التي بعضها في بيان الترتيب و
بعضها لتشريع الامر الاستحبابي ضمن الواجبات الغسلية. و هذا لا يمنع ان
يتجه كل حكم الى مورده بناء على صحة تعدد الاحكام على طبق تعدد
الموضوعات المتعلقة بها فاذا اختلف الحكم الوجوبي عن الامر الاستحبابي
فذاك لاختلاف الموارد و القرائن الخاصة و الا فطبيعي الامر يختلف فيه
مادة و هيئة حيث يراد به النسبة البعثيه.
و هكذا الحال بالنظر الى النهي يراد به النسبة الزجريه
و الا فالمادة واحدة فى الجميع أيضاً و عندئذ فالارجاع في الروايات الى
ناحية كون الترتيب قصد به الامر الوجوبي و غيره يراد به الاستحبابي غير
منظور اليه و انما المستفاد من ادلة اخرى و ليس من ذات الخطاب نفسه.
و المهم ان البحث ان وجوب غسل الرأس واضح من الادلة
فضلاً عن دعوى الاجماع مع ما عليه الشهرة المتسالمة بغض النظر عن جهة
الترتيب فيما بين الرأس و البدن. و لذا ورد في صحيحة زرارة عن أبي
عبداللّه عليهالسلام قال: من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم
بدا له ان يغسل رأسه لم يجد بدا من اعادة الغسل.
فان ظاهرها اعتبار الابتداء من الرأس فاذا خالف ذلك كان عليه الاعادة.
و اما ادخال الرقبة في ضمن غسل الرأس او انها خارجة
ولكن اخذت على نحو الامر المقدمي لغسل البدن او انها في حقيقة الامر
داخلة في البدن و ليست داخلة في الرأس و الظاهر انها داخلة في ضمن
الرأس يدل على ذلك اللغة و العرف
.........................
و عليه
يطلق الرأس على الرقبة و ان كان الرأس يقال له لما نبت عليه الشعر فوق
الاذنين.
هذا مع ان ما تدل عليه صحيحة زرارة فى الامر بصب ثلاث
اكف على رأسه و صب الماء مرتين على منكبه الايمن و مرتين على منكبه
الايسر.
فانها دلالة على ان ما بين غسل الرأس و غسل المنكب الايمن و الايسر ان
الرقبة داخلة فى الرأس و الا لخرجت عن حد غسل الرأس كما انها غير داخلة
فى المنكب من طرف الايمن او الايسر.
و هكذا فيما دلت عليه موثقة سماعة عن أبي عبداللّه
عليهالسلام حيث امر بصب الماء على رأسه ثلاثاً بضرب كف من الماء على
صدره و كف بين كتفيه.
و هي ظاهر أيضاً لبيان التحديد بين منتهى ما يقع عليه الرأس و بين مبدأ
ضرب كف من الماء على صدره و هذا ما يثبت ادخال الرقبة في ضمن الرأس و
قبل الشروع.
ثم بالنسبة الى الترتيب فيما بين الطرف الايمن و الطرف
الايسر نتعرض الى تصوير المعارضة فيما بين الاخبار القائلة بالترتيب
فيما بين الرأس و البدن و بين الروايات القائلة بعدم الترتيب كما
بالنسبة الى ما روي في قرب الاسناد عن الرضا عليهالسلام و فيه
انه قال: في غسل الجنابة تغسل يدك اليمنى من المرفق الى اصابعك و تبول
ان قدرت على البول ثم تدخلها فى الاناء، ثم اغسل ما اصابك منه ثم افضل
على رأسك و جسدك و لا وضوء فيه.
.........................
و وجه الاستظهار منها بمقتضى عطف الرأس على الجسد يراد
به الجمع في ناحية الشركة دون ملاحظة الترتيب فيما بين المتقدم و
المتأخر حتى يتصور فيهما المرتبة الطولية فيكون الواو مفاده الجمع
المطلق و هذا ما يدل على عدم الترتيب.
و أيضاً ورد في مرسل محمّد بن أبي حمزة عن الصادق
عليهالسلام في رجل اصابته جنابة فقام فى المطر حتى سال على جسده
أيجزيه ذلك الغسل؟ قال عليهالسلام نعم.
و كذا ما
ورد في صحيح زرارة المتقدم في قوله عليهالسلام ثم تغسل جسدك من
لدن قرنك الى قدميك ليس قبله و لا بعده وضوء و كل شيء امسته الماء فقد
انقيته ولو ان رجلاً جنباً ارتمس فى الماء ارتماسة واحدة اجزءه ذلك و
ان لم يدلك جسده.
و أيضاً
ورد في صحيح هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام انه كان بين مكة
و المدينة و معه ام اسماعيل، فاصاب من جارية له فامرها فغسلت جسدها و
تركت رأسها، و قال عليهالسلام لها: اذا اردت ان تركبي فاغسلي
رأسك، ففعلت ذلك فعلمت بذلك ام اسماعيل فحلقت رأسها فلما كان من قابل
انتهى ابو عبداللّه عليهالسلام الى ذلك المكان، فقالت له ام
اسماعيل: اى موضع هذا؟ قال: هذا الموضع الذي احبط اللّه فيه حجك عام
اول.
.........................
و يكون من ملاحظة هذه الروايات بما انها في بيان جعل
الرأس مشاركاً مع البدن من غير ملاحظة الترتيب فيما بينهما. فان في مثل
رواية حمزة هو النظر الى سيلان المطر على الجسد و الرأس من ضمن الجسد،
فقال بالاجزاء و في صحيح زرارة قوله: تغسل جسدك من لدن قرنك الى قدميك.
و لم ينظر الى ناحية الترتيب فيما بين الرأس و البدن و انما التنقية
لتمام البدن عند مماسة الماء لتمام الجسد.
كما اذ ما تدل عليه صحيحة هشام بن سالم دالة على عدم
الترتيب فضلاً عن القول به و انه يصح تقديم الجسد على الرأس فاذا ارادت
الترتيب امكنها ان تغسل رأسها بعد ذلك و هذا مقتضى صحة التقديم دون
الالتزام بالترتيب.
و اما بيان رفع المعارضة بالاضافة الى ان بعض الروايات
من المراسيل و بعضها و ان كانت من الصحاح الا ان دلالتها قابلة للرفع و
ليست في مقام عدم الترتيب حيث ان الكلام بان دلالتها غير متجهة الى
ناحية الترتيب و ليست في مقام الدلالة على عدم الترتيب. هذا مع ان
مقتضى واو العطف دال على الجمع المطلق فيمكن ان يجتمع مع الترتيب و
يمكن ان يجتمع مع المشاركة فلا يكون هناك اي منافاة فيما بينهما و الذي
يظهر من صحيح هشام ان الرواية لم تكن على نحو النص الروائي و انما كان
نقله على نحو المضمون فهذا لا يثبت ان يكون رأى الامام قصد به عدم
الترتيب و عن الشيخ ان هذا الحديث قد وهم الراوي فيه و اشتبه عليه
فرواه بالعكس لأنّ هشام بن سالم راوي هذا الحديث روى ما قلناه بعينه و
اشار بقوله: هذا الى ما رواه فى التهذيب عن هشام بن سالم عن محمّد بن
مسلم قال: دخلت على أبي عبداللّه عليهالسلام فسطاطه و هو يكلم
امرأته فابطأت عليه، فقال: ادنه ـ الهاء للسكت ـ هذه ام اسماعيل جاءت
(جئت) و انا ازعم ان هذا المكان الذي احبط اللّه
.........................
فيه حجها
عام أوّل كنت اردت الاحرام فقلت ضعوا لى الماء فى الجفاء فذهبت الجارية
فوضعته فاستخففتها
فاصبت منها فقلت: اغسلي رأسك و امسحيه مسحاً شديداً لا تعلم به مولاتك،
فاذا اردت الاحرام فاغسلي جسدك و لا تغسلي رأسك فتستريب مولاتك، فدخلت
فسطاط مولاتها فذهبت تناول شيئاً فمست مولاتها رأسها فان لزوجة الماء
فحلقت رأسها فضربتها فقلت لها: هذا المكان الذي احبط اللّه فيه حجك.
فينتج من عرض الشيخ اختلاف الراوي حيث انه كيف يصح
اتجاه الراوي و المروي عنه مع وحدة مشخصات المضمون و تعدد القضيّة حيث
انه في احدهما امر عليهالسلام الجارية بتقديم غسل الجسد على
الرأس و في الثانية تقديم الرأس على الجسد و عليه يكون الحمل على توهم
الراوي و اذا لم يحمل على ذلك فيكون المرجع الى تعدد الروايتين و عندئذ
يتم فيما بينهما المعارضة و يسقط القول بالترتيب فيما بين تقديم غسل
الرأس ثم بعد ذلك غسل الجسد و انما لابد من القول بحصول الترتيب.
و اما الترتيب فيما بين الطرف الايمن و الايسر فذهب
المشهور الى ذلك و قالوا: بتقديم الطرف الايمن على الجانب الايسر على
تمام العضو المغسول. و هذا ما دلت عليه صحيحة زرارة من صب الماء على
رأسه ثلاثاً ثم صبّه على المنكب الايمن مرتين و على المنكب الايسر
مرتين فما جرى عليه الماء فقد اجزأه.
.........................
و كان المستفاد منها كلمة ثم صبه على المنكب الايمن
مرتين و حرف عطف بقوله و على المنكب الايسر و ان كان يطلق على الترتيب
و المشاركة ولكن بملاحظة سياق الترتيب يتم يراد به الترتيب فيما بين
العضوين الا انه يمكن ان يقال: بعدم الترتيب لأنّ (واو) العطف دالة على
المشاركة دون ملاحظة الترتيب و كلمة (ثم) المتقدمة لا تدل على الترتيب
فى المتأخر و ما يدعى بالاجماع على الترتيب فلم يكن اجماعاً كاشفاً عن
رأى المعصوم عليهالسلام بالاضافة الى ان جماعة من الفقهاء ذهبوا
الى عدم التمسك بالترتيب كالبهائي
و الاردبيلي
و الذخيرة.
و ذكر
السيد الاستاذ قدسسره : و اما الصحيحة و غيرها مما هو بمضمونها
فيدفعه انه لا دلالة لها على ان الغسل له اجزاء ثلاثة بل له جزءان و
انما عبر بغسل الرأس ثم الجانب الايمن و الجانب الايسر لأنّ الماء في
مفروض الروايات هو الماء القليل و الكيفية المتعارفة العادية في غسل
البدن بالماء القليل انما هو غسل الرأس ثم احد الجانبين ثم الجانب
الآخر و ليس ذكره كذلك لكونه واجباً معتبراً فى الغسل بل يمكن القول
بدلالتها على عدم لزوم الترتيب بين الجانبين، و ذلك لأنّ معنى الترتيب
ان النصف الايمن لابد ان يغسل بتمامه قبل النصف الايسر و الروايات دلت
على انه بعد صب الماء على احد الجانبين يصب الماء خفنتين على الجانب
الآخر و هل يمكن ان يغسل بحفنتين من الماء تمام الجانب الايمن حتى تكون
الكفان بعد ذلك
.........................
لغسل
النصف الايسر بل يستحيل ذلك عادة.
و الملاحظ
لدينا فيما بين رأى المشهور من الالتزام بالترتيب و بين الاتجاه
المعاكس بعدم التمسك بالترتيب كما عليه جماعة من الفقهاء و رأى السيد
الاستاذ قدسسره أيضاً و يكون عرض ادلة القائلين بالترتيب كما
يلي:
1 ـ الروايات التي منها صحيحة زرارة السابقة.
2 ـ الاصل و هذا ما استدل به صاحب المدارك بالاشتغال و
استصحاب الحدث.
3 ـ الاجماع، و هذا بناء على ان يكون كاشفاً عن رأى
المعصوم عليهالسلام مع فرض عدم الخلاف.
فاما الروايات التي منها أيضاً صحيح يعقوب بن يقطين عن
أبى الحسن عليهالسلام قال: الجنب يغتسل يبدء فيغسل يديه الى
المرفقين قبل ان يغمسهما فى الاناء ثم يغسل ما اصابه من اذى ثم يصيب
الماء على رأسه و على وجهه و على جسده كله، ثم قد قضى الغسل و لا وضوء
عليه.
و ظاهرها
اطلاق الغسل على الرأس الذي منه الوجه و على الجسد كله من غير ملاحظة
الترتيب فيما بين الجسد.
و ورد في صحيح عن أحمد بن محمّد قال: سألت ابا الحسن
عليهالسلام عن غسل الجنابة؟ فقال: تغسل يدك اليمنى من المرفقين كذا
الى اصابعك ثم تبول ان قدرت على البول ثم تدخل يدك فى الاناء ثم اغسل
ما اصابك منه، ثم افض على رأسك
.........................
و جسدك و
لا وضوء فيه.
و ظاهرها عطف الجسد على الرأس دون ملاحظة الترتيب فيما الجسد نفسه.
و عليه يكون المستفاد من هذه الروايات عدم الترتيب كما
ان ما تدل عليه الروايات السابقة دالة على الترتيب فيكون من مجموع ذلك
يمكن المناقشة في ادلة القائلين بالترتيب كما يمكن مناقشة القائلين
بعدمه ولكن الاعتبار بما ذهب اليه المشهور و المهم ان القائلين
بالترتيب سيراً على مقتضى مفاد الروايات القائلة به بغض النظر عن
المناقشة فى الاصل فانّه لا مجال للرجوع اليه بعد التمسك بالادلة
الاجتهادية كما ان الاجماع لا مجال للاخذ به بعد فرض الخلاف فيما بين
الفقهاء فيبقى الكلام في ناحية الروايات فاما بالنسبة الى تلك الروايات
التي ذهب اليها المشهور التي هي مورد استدل لهم و اما الاخبار المعارضة
لها فالمشهور اعرضوا عنها فتكون ساقطة الحجيّة.
ثم ان من يرى اجراء الحكم الترتيبي في غسل الجنابة
عطفاً على الترتيب في غسل الميت، فقد اورد عليه صاحب مصباح الفقيه
قدسسره بقوله: و فيه ان كون غسل الميت بعينه هو غسل الجنابة كما هو
مقتضى اغلب الاخبار لا تقتضى الا اعتبار جميع ما يعتبر في غسل الجنابة
فيه بان يكون غسل الميت من مصاديق غسل الجنابة و اما انه يعتبر في جميع
مصاديق غسل الجنابة كل ما يعتبر في غسل الميت فلا الاترى انه يجب في
غسل الميت تثليث الغسلات و استعمال السدر و الكافور و لا يجب ذلك على
الجنب فمن الجائز ان يكون الزام الشارع بهذا القسم من
.........................
الغسل
اعنى مرتباً بالنسبة الى الميت مسبباً عن خصوصية فيه ككونه افضل
الافراد فاوجبه الشارع تعظيماً للميت او كون ساير الاقسام موجباً
لتوهين الميت باقامته على قدميه او اقعاده او إلقائه على وجهه او غير
ذلك من الخصوصيات التي يعلمها الشارع او التخطى عن المورد المنصوص لا
يجوز الا بعد القطع بالغاء الخصوصية، و غاية ما يمكن دعوى استفادته من
الاخبار ليس الا ان وجوب غسل الميت لصيروته جنباً و اما ان ايجاده بهذه
الكيفية أيضاً سبب عن كونه جنباً فلا و اما التشبيه فى رواية محمد بن
مسلم و ان كان مقتضى اطلاقه ما ذكر ولكن العرف لا يساعد على استفادة
ارادة عموم المنزلة من الطرفين في اغلب موارد استعمالاته فانه لا ينسبق
الى الذهن في مثل المقام الا ارادة تشبيه غسل الميت بغسل الجنب فى
الكيفيات المعهودة دون العكس، و على تقدير تسليم الظهور فى المدعى فليس
على وجه يوجب التصرف في ظواهر الادلة الواردة في بيان كيفية غسل
الجنابة الدالة على عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين كما يتضح لك فيما
بعد ان شاء اللّه تعالى انتهى كلامه.
و تعرض
السيد الاستاذ قدسسره الى ان ما استدل به ثانياً يتالف من
مقدمتين:
احداهما: ما ورد في جملة من الاخبار فيها المعتبرة و
غير المعتبرة من اعتبار الترتيب بين غسل الجانب الايمن و الجانب الايسر
في غسل الميت و انه يغسل رأسه اولاً ثم يغسل طرفه الايمن ثم الايسر.
.........................
و ثانيهما: ما ورد من ان غسل الميت كغسل الجنابة حيث
استفيد منها انهما على حد سواء و حيث ان المقدمة الاولى تثبت اعتبار
الترتيب في غسل الميت فلا محالة يعتبر ذلك في غسل الجنابة أيضاً بحكم
المقدمة الثانية.
و يدفعه ان الترتيب و ان كان معتبراً في غسل الميت الا
ان المقدمة الثانية ممنوعة و ذلك لأنّ الرواية لم تشتمل على ان غسل
الجنابة كغسل الميت حيث يدل على ان ما يعتبر فى المشبّه به لا محالة، و
انما اشتملت على ان غسل الميت كغسل الجنابة و لا دلالة له على ان ما
يعتبر في غسل الميت يعتبر في غسل الجنابة و الا فيعتبر في غسل الميت
تعدد الغسلات و المزج بشيء من السدر و الكافور و لا يعتبر شيء من ذلك
في غسل الجنابة و انما شبه بغسل الجنابة فيما يعتبر فيه اعنى لزوم
اصابة الماء و وصوله الى تمام البدن بحيث لا يبقى منه ولو بمقدار شعرة
واحدة فهو يعتبر في غسل الميت أيضاً بهذه الرواية.
على ان القاعدة أيضاً تقتضى تشبيه غسل الميت بغسل
الجنابة دون العكس و ذلك لأنّ الجنابة امر تعم به البلوى و يبتلى به
عامة الناس الا نادراً فحكمها امر يعرفه الجميع و هذا بخلاف غسل الميت
لانه لعلة ما لا يبتلى به واحد فى المائه فيشبّه بغسل الجنابة تشبيها
للمجهول بالمعلوم و الضعيف بالقوى فهذا الاستدلال غير تام.
و الملاحظ
لدينا فى المقام ان ما ينبغي ان يبحث عنه تارة في مقام التشبيه هو يراد
به التشبيه الفعلى او التشبيه الفاعلي و الذي يتم في صحة التشبيه بين
غسل
.........................
الميت و
الجنابة تشبيه فعلى لا تشبيه فاعلى و لذا ورد في خبر الديلمي عن الصادق
عليهالسلام : ان رجلاً سئل ابا جعفر عليهالسلام عن الميت لم
يغسل غسل الجنابة؟ قال: اذا خرجت الروح من البدن خرجت النطفة التي خلق
منها بعينها كائناً ما كان صغيراً او كبيراً ذكراً او انثى فكذلك يغسل
غسل الجنابة. و قد سئل عن الميت لم يغسل غسل الجنابة الى ان قال
عليهالسلام : ثم يغسل غسل الجنابة. و هكذا ما ورد في العلل عن الباقر
عليهالسلام عن علّة غسل الميت؟ قال: ثم يغسل الميت لانه جنب.
و في خبر عبدالرحمن بن حماد عن الكاظم
عليهالسلام و فيه عن الميت لم يغسل غسل الجنابة الى ان قال
عليهالسلام : فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة.
و ينقح من مجموع هذا العرض الروائي ان ما يستفاد من
المشابة يراد بها ان ما بين الجهة الفعلية في طرف الميت و الجهة
الفعلية في طرف الجنابة واحدة من حيث الاداء الوظيفي في ناحية الغسل و
عندئذ تكون حقيقتهما واحدة و الذي يبدو من السيد الاستاذ قدسسره
وكذا فى المستمسك من نوع التشبيه الفاعلي و لذا اناط عنوان ترتيب احكام
غسل الجنابة على غسل الميت بلحاظ الجهة الفاعلية و عليه يكون خط
المشهور مقدماً بالاضافة الى ما دلت عليه جملة من الروايت في ارجاع وجه
الشبه الى الجانب الفعلي و يكون كل منهما بلحاظ الوحدة الفعليّة و لذا
ذهب صاحب الجواهر قدسسره الى ماهية الغسل في تمام الاغسال
كالوضوء فيعطى لوناً من الوحدة الفعلية لا الفاعلية و اما الروايات
الدالة على عدم الترتيب معرض عنها لدى المشهور و عندئذ يوجب و هنا في
ناحية سندها بالاضافة الى امكان المناقشة فى دلالتهما و عليه لابد من
الاخذ بالترتيب بالاضافة الى التمسك بالسيرة القطعية على الاخذ
بالترتيب.
من الرقبة
ثانياً مع الايمن و النصف الايسر مع الايسر(1) و السرة و العورة يغسل
نصفهما الايمن من الايمن و نصفهما الايسر مع الايسر و الاولى ان يغسل
تمامهما مع كل من الطرفين(2) و الترتيب المذكور شرط واقعي فلو عكس ولو
جهلاً او سهواً بطل.
و مع التنزل عن الاخذ بالروايات المعارضة و المناقشة
بما دلت عليه روايات المستدلّين على الترتيب و عدم تمامية القول
بالسيرة فيمكن حمل تلك الروايات على افضلية الترتيب فيما بين الطرف
الايمن و الايسر ولكن بالنظر الى ما بين الرأس و الجسد فان الاخلال به
يوجب البطلان و هو من نوع الشرط الواقعي و عندئذ نقول بالتفصيل بين
الترتيب فيما بين الرأس و الجسد و بين الترتيب فيما بين الايمن و
الايسر فانّه بالنسبة الى الأوّل لداخل بالترتيب يوجب البطلان و
بالنسبة الى الثاني الحمل على الافضلية و اما في صورة الاخلال بالترتيب
فلا يوجب البطلان.
(1) اشرنا الى ان الرقبة داخلة في معيّة الرأس بما انها
جزءً من الرأس من اما على نحو الاطلاق المفهومي او الاطلاق المجازي و
يكون حكم غسل الرقبة داخلاً في عنوان الراس بالاعتبارين و عندئذ يكون
غسل الرقبة قبل غسل البدن الا ان الجهة المشتركة فيما بين الجزء الاخير
من الرقبة و بين الجزء المتصل فى البدن يؤخذ فيها على نحو الوجوب
المقدمي بنحو المقدمة العلمية لاحراز الفعل و بنفس هذا كما بالنسبة الى
اعضاء الوضوء أيضاً حيث انه لابد من ادخال جزء يسير من الاطراف فى
الوضوء او الغسل كذلك لاحراز الامتثال في اداء الواجب.
(2) و اما بالنسبة الى السرة و العورة فيكون البناء على الترتيب لابد
من اخذهما على نحو المناصفة اما بنحو الامر العرفي او الامر الدقي و
حيث انه
.........................
لم يظهر
من الادلة ما يثبت الحكم بالترتيب فيهما و انما ينظر اليهما على نحو
الوجوه الآتية:
1 ـ ادخالهما فى الطرف الايمن بمعنى انه يجب غسلهما مع
الايمن فقط.
2 ـ ادخالهما فى الطرف الايسر بمعنى انه يجب غسلهما مع
الايسر فقط.
3 ـ لحاظهما على نحو المناصفة بنحو التوزيع بمعنى يغسل
نصفهما الايمن مع الايمن و نصفهما الايسر مع الايسر.
4 ـ جعلهما عضواً مستقلاً و عندئذ يغسل كل منهما بتمامه
غير مستند الى عنوان الجزئية بالنسبة الى الطرف الآخر و يكون غسلهما
كيفية الاعضاء المستقلة و عليه يكون البناء على الترتيب لابد من
المناصفة بناء على وجوبه و اما بناء على الحمل فيه على الاستحباب فيكون
الحمل في غسلهما أيضاً على الاستحباب أيضاً و اما بناء على عدم الترتيب
فى الجانبين فلا يحتاج عندئذ الى غسلهما على نحو الترتيب.
و ربما لم يذكر السرة و العورة حيث اكتفوا بذكر
الجانبين لما يرون من الارجاع الى المبانى التي اشرنا اليها بدون
الحاجه الى كونهما يرجعان الى التوزيع.
و اما ما يدعى ان عدم ذكره السبب ارجاعهما الى التوزيع
بما يدل عليه رواية زرارة السابقة التي ثلث فيها اعضاء الغسل كما انه
ورد فى الكافي عن زرارة قال قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم تكن
اصاب كفه شىء غمسها فى الماء ثم بدء بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب على
رأسه ثلاث اكف ثم صب على منكبه
و لا يجب البدئة بالاعلى في كل عضواً و لا الاعلى فالاعلى(1) و لا
الموالات العرفية بمعنى التتابع و لا بمعنى عدم الجفاف فلو غسل رأسه و
رقبته فى أوّل النهار و الايمن في وسطه و الايسر في آخره صح
الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين فما جرى عليه
الماء فقد اجزأه.
و ظاهرها
دالّة على عدم كون السرة و العورة اخذاً بنحو الاستقلالية فيها حيث
يوجب ان يكون الغسل اربع اجزاء كما انها ليستا داخلين فى الرأس و عندئذ
لابد من ادخالهما فى الجانب الايمن و الايسر و هذا مما يثبت التوزيع
بالمناصفة.
الا انه يمكن المناقشة في هذه الدلالة حيث يتصور
ادخالهما بتمامهما فى احد الجانبين تخييراً حيث لا معين فى البين بعد
عدم خروجهما من الجانبين و لعل هذا منشأ احتمال ادخالهما في احدهما و
كيفما كان فالاحتياط بالجمع ما بين جميع المحتملات بغسلهما بتمامها مع
الجانبين مما لا ينبغي تركه حيث انه بغسلهما بتمامهما مع الجانبين اتى
بجميع المحتملات فانّه على تقدير وجوب التوزيع يحصل غسل نصف كل منهما
في ضمن غسل التمام غاية الامر يكون الزائد لغواً غير مضر.
(1) حيث
ان الالتزام بالترتيب بنحو الشرط الواقعي و ذاك في مورد القول بوجوبه
دون الحمل فى الروايات المتعارضة بين القول بالترتيب و القول بعدمه
بالحمل على الافضلية فلا يوجب مخالفة الترتيب بطلان العمل و انما يكون
على نحو ترك الافضلية.
و الترتيب بالنسبة الى ما بين الاعلى فالاعلى لم يظهر
من الادلة ما ثبت الترتيب على ان يكون الابتداء من الاعلى فالاعلى بل
يجوز في صورة النكس
.........................
ولكن
ترتيب القول بالترتيب يستدل عليه بصحيحة زرارة في قوله: ثم تغسل جسدك
من لدن قرنك الى قدميك.
و كذا في
صحيحة الثانية: ثم صب على رأسه ثلاث اكف ثم صب على منكبه الايمن مرتين
و على منكبه الايسر مرتين.
و ظاهر
كلتا الصحيحتين بناء على من يرى الالتزام بالابتداء بالاعلى فالاعلى ان
التعبير فيهما بالنسبة الى الاولى في قوله من لدن قرنك الى قدمك و
الثانية قوله: ثم صب على رأسه ثلاث و كلها في معاد اجراء الماء بما
يقتضيه طبيعي المنسول ان يكون من الاعلى دون الاسفل.
ولكن يمكن المناقشة في دلالتهما فان القرن لا يراد به
الاعلى و انما يستعمل لموضع القرن من موضع الرأس و ليس على قمة الرأس و
الغسل في بيان الفرق يراد به مجموع البدل لا الابتداء بالاعلى فالاعلى
هذا مع ان التحديد فى الغسل لبيان المغسل و لا الواقع فيما بين القرن و
هو الحد من موضع الرأس الى القدم دون النظر الى بيان كيفية الغسل و هذا
بنفس فى الوضوء في قوله تعالى: « و اغسلوا بوجوهكم الى المرافق » لبيان
المغسول دون الغسل.
هذا بالنسبة الى الصحيحة الاولى و اما بالنسبة الى
الصحيحة الثانية فالصب على الرأس و الصب على المنكبين لم يقصد بها ان
يكون الابتداء بغسل الاعلى من الرأس فالاعلى على نحو الوجوب الترتيبى و
انما قصد بالصب على نحو الامر الارشادي و يراد به ان يكون صب الماء على
تمام البدن و هذا ما يدل عليه موثقة
و كذا لا يجب الموالات(1) فى اجزاء عضو واحد ولو تذكر بعد الغسل ترك
جزء من واحد الاعضاء رجع و غسل ذلك الجزء فان كان فى الايسر
سماعة حيث
امرت بالصب مقدار الكف على الصدر و كف منه على الكتف و الصدر و الكتف
مؤتية نازلة عن موضع الاعلى من الرأس فلا دلالة لهما على وجوب الترتب
ان يكون الابتداء من الاعلى فالاعلى كما ثبت في موثقة سماعة أيضاً في
قوله عليهالسلام فما جرى عليه الماء قد اجزء و هي دالة على ان
صب الماء ان يكون في ظرف حرمانه على البدن و ليس التظهر الى شرطية
الابتداء ان يكون من اعلى البدن.
و ان كان اتجاه المشهور يرون الابتداء من الاعلى
فالاعلى لما ورد في صحيحة زرارة بصب الماء على المنكب الايمن مرتين و
لصحيحة الثاني الا ان دلالتهما لا يثبت القول بالالتزام بالترتيب من
الاعلى فالاعلى و لكن لا يخلو من الرجوع الى الاحتياط الحمل على
الاستحباب.
(1) المراد من الموالات بحسب النظرة العرفية و هو
المتابعة بين الجزء اللاحق على الجزء السابق من غير فصل عليه و انما لا
يوجب فيه عرفاً و ذكر ان الموالات عبارة عن عدم الجفاف كما عليه
المشهور و فى الجواهر من غير خلاف و ادعى عليه جماعة الاجماع و على اى
حال فانّه لم يعتبر في ما بين الرأس و البدن شرط الموالات فقد ورد في
صحيح حريز في قوله و ابدء بالرأس ثم افض على سائر جسدك قلت و ان كان
بعض يوم؟ قال: نعم.
كفاه ذلك و ان كان فى الرأس او الايمن وجب غسل الباقي
على الترتيب ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعات
الترتيب(1).
و
كذا ما ورد في صحيحة محمّد بن مسلم في قضية الجارية حيث امر
عليهالسلام الجارية بان تغسل رأسها و تمسحه مسحاً شديداً و تغسل جسدها
عند ارادة الاحرام.
و أيضاً
ورد في صحيحة ابراهيم بن عمر اليمانى عن أبي عبداللّه
عليهالسلام قال: ان علياً عليهالسلام لم ير بأساً ان يغسل
الجنب رأسه غدوة و يغسل سائر جسده عند الصلاة.
فكل هذه
الروايات تكشف عن صحة العمل من غير موالاة و عليه لو ترك جزء من احد
اعضاء المغسول كان عليه الرجوع في غسل ما تركه مع مراعاة الترتيب دون
ملاحظة الموالات.
(1) لانطباق العلم الاجمالي على الجزء المشتبه بينه و
بين غيره من الاجزاء الاخرى و ذلك لعدم تعيين الجزء المشتبه عن غيره و
لذا يجب غسل الجميع للخروج عن عهدة التكليف الا ان الكلام بان وقوع
الجزء المشتبه هل يتحدد في خصوص العضو الواحد حيث يعلم بترك غسل جزء من
ضمن بقية الاجزاء الاخرى من ذلك العضو كترك جزء من الرأس أو جزء من
الطرف الايمن بناء على القول بوجوب الترتب فيما بين المنكبين فانّه
بمقتضى ترك جزء منه يوجب الرجوع الى غسل جميع ذلك العضو.
.........................
و هذا
بخلاف ما لو انتقل من تمام العضو الى العضو اللاحق فان القاعدة توجب
جريان الفراغ او التجاوز دون التمسك بقاعدة الاشتغال و ذلك لانحلال
العلم الاجمالي، كما انه اذا تردد ذلك الفرد المشتبه بين عضوين مرّتبين
كما بين الرأس و البدن او بين العضوين المترتبين و ذلك فيما اذا كان
البناء على الترتب فيما بين الايمن و الايسر فعلى مسلك الماتن
قدسسره يرى وجوب الاحتياط ولكن بحسب القواعد العلمية انه يوجب انحلال
العلم الاجمالي الى قضية متيقّنه و قضية مشكوكة بدواً حيث بالنسبة الى
غسل البدن بالقياس الى الرأس متيقن بفساد غسل البدن جزماً او لبقاء جزء
من رأسه لم يغسله لكون البطلان يدور بين غسل البدن او الرأس فبالنسبة
الى الرأس يجرى قاعدة الفراغ او التجاوز فتجرى فيه الصحة و بالنسبة الى
البدن متيقن بفساد غسله و عليه لا مجال للتمسك بالاحتياط و عليه يكون
الحق كما ذهب اليه سماحة السيد الاستاذ قدسسره ان الصحيح انه لا
يجب عليه الجمع بين الاطراف وقتئذٍ و ذلك لانحلال العلم الاجمالي الى
القضية المتيقنة و المشكوك فيها بالشك البدوي.
الثانية: الارتماسي و هو غمس البدن فى الماء(1) دفعة
واحدة
(1) حيث ذكرنا في تحديد موضوع الغسل تارة على نحو الامر
الترتيبي و قد مرّ بيانه و اخرى في موضوع الغسل الارتماسي بغض النظر عن
ملاحظة روايات الترتيبي مع الارتماسي على نحو المعارضة و عدمها.
2 ـ
الغسل الارتماسي
و المراد به حصول الغسل على نحو الدفعة الواحدة
العرفيتين غير ان يحصل فيما بين كل جزء على نحو الترتيب و يستفاد ذلك
من خلال الروايات بالاجزاء عند الاتيان بالغسل الارتماسي بما يحقق تمام
موضوع اجزائه فلا يكفى مجرد اخراج طرف من جسده و انما الميزان على
اخراج تمام جسده.
هذا بالنظر الى مقام الانتهاء فى العمل و اما بالنسبة
الى الابتداء بالعمل فهل يمكن ان يتصور التداخل بين الارتماسي و
الترتيبي بلحاظ الوجود الخارجي و ذلك بان يدخل رأسه اولاً ثم جانبه
الايمن ثم جانبه الايسر و يكون الترتيب في القصد بلحاظ المراتب الغسلية
او يقال بحصول الطهارة عند خروج الاعضاء في ظرف الخروج او عند الانتهاء
من الخروج لتمام اعضائه دون ان يكون الغسل بمجرد خروج الرأس من دون
اخراج الاعضاء الاخرى فان ذلك لا يثبت حقيقية الغسل الارتماسي و انما
صدق عليه بعض الاخراج دون تمامه و عليه يكون جهة الفرق ان الترتيبي
يتحقق على نحو الامر التدريجي و الارتماسي يتحقق على نحو الامر الدفعي
العرفي.
و هذا ما اشار اليه في موثقة النوفلي عن السكوني عن أبي
عبداللّه عليهالسلام قال: قلت له: الرجل يجنب فيرتمس فى الماء
ارتماسة واحدة و يخرج يجزئه ذلك من
.........................
غسله؟
قال: نعم.
و كذا ما
ورد في صحيح الحلبي، قال: سمعت ابا عبداللّه عليهالسلام يقول:
اذا ارتمس الجنب فى الماء ارتماسة واحدة اجزأه ذلك من غسله.
و في
صحيحة زرارة: ولو ان رجلاً جنباً ارتمس فى الماء ارتماسة واحدة اجزأه
ذلك و ان لم بدلك جسده.
فان كل
هذه الروايات ناظرة الى مقام الغسل الارتماسي بما يحقق موضوع الوحدة
العرفية و لذا ان التعبير في صحيحة زرارة اشارة الى عدم ملاحظة الدقة
في اثبات الدلك و انما يكفي مجرد الجريان.
و عليه فان ملاحظة الوحدة العرفيه ان يتحقق في موضوع
الغسل ايجاده وحدة غسلية دون ان يضع رجله اليمنى اولاً ثم اليسرى
ثانياً ثم نصف ثالثاً و هكذا فان ذلك لا يصدق عليه عنوان الارتماس و
الذي يبدو من تعبير الماتن قدسسره في قوله دفعه واحدة عرفية اذا
صدق الغسل على نحو التدرج كما لو كان حوض فيه عدة درجات واحد فى النزول
تدريجياً فانّه لا يجتزأ به ما لم يحقق موضوع الدفعة العرفية ولكن في
المسألة الرابعة كما يأتى بيانها انه بصور حالتين:
1 ـ ان يقصد الغسل عند احاطة الماء ببدنه و ليس مجرد
الدخول فى الماء و بذلك تحقق موضوع الدفعة اذ دخول الماء على نحو
التدرج يكون من المقدمات و ليس في ذات الفعل نفسه.
عرفية و اللازم ان يكون تمام البدن تحت الماء(1) فى آنٍ
واحد، و ان غمسه على التدريج فلو خرج بعض بدنه قبل ان ينغمس البعض
الآخر لم يكف، كما اذا خرجت رجله او دخلت فى الطين قبل ان يدخل رأسه فى
الماء، او العكس بان خرج رأسه من الماء قبل او تدخل رجل،
2 ـ عندما يقصد الغسل فى أوّل الدخول فى الماء ليكون
غسله على نحو التدرج الى ان يصل الى تمام الدخول في تمام البدن بالماء
و على الأوّل لا يحقق موضوع الحدث فى اثناء الغسل لانه آني و هذا بخلاف
الثاني و عليه لابد من الدفعة الواحدة و لا يكفى الامر التدريجي في
اثبات موضوع الغسل الارتماسي و عندئذ يكون بحسب تصور الماتن
قدسسره انه بالنسبة الى الحالة الثانية و ان حصل على نحو الامر
التدريجي ولكن موضوع الارتماسي غير محقق الا في حال صدق الوحدة العرفية
و هذا ما تدل عليه الروايات.
(1) و المهم انه وقع الخلاف في مفهوم الارتماس على عدة
تصورات:
1 ـ عند غمر الاعضاء بالماء و تواليه على تمام الاعضاء
على نحو الوحدة العرفية و يتحقق في حال اتصال الماء على كل عضو يوجب
ارتماسة فيه الى ان يصل الى نهاية العضو الاخير فتكون بين أوّل الزمن
الى نهاية العضو الاخير بنحو غطّى تمام البدن جميعاً على نحو يتصل
الماء بعضه ببعض بحيث يصدق في ذلك الآن غمساً واحداً من غير فصل فيما
بين الاعضاء و فيما بين المبدأ و المنتهى كما انه يوجود حركة واحدة
غسلية كما يوجود أيضاً وحدة زمانية قد تحققت بواسطة ذلك الوجود الغمسي
فى الماء مع فرض مقارنة تلك الوحدة الغسلية مقرونة بالنية عند من يشترط
الاخطار فى النية كما عليه دعوى المشهور و فى الجواهر نسبة الى الاصحاب
مشعر بدعوى الاجماع عليه.
.........................
2 ـ تتوالى الاجزاء المائية على الاعضاء من غير اشتراط
الوحدة عرفاً و انما يكفى في حال وضع الرجل فى الماء ولو صبر بعد فترة
ثم وضع رجله الاخرى قبل اخراج الرجل و هكذا بعد فترة ثالثة وضع عضواً
من جسده الى تمام البدن و تكون مجموع هذه الغسلات و الغمسات تعتبر من
اولها الى آخرها يصدق عليها ارتماسة و عندئذ يصدق على مثل هذا النوع
بالارتماسى التدريجي و يكون أوّل ايجاد فعله يقارنه وجود النية. و هذا
ما عليه صاحب الجواهر قدسسره و نقله في مفتاح الكرامة عن كاشف
اللثام و اختاره أيضاً صاحب الحدائق قدسسره.
3 ـ حصول التغطية لتمام البدن من أوّل ما التحفه الماء
و غطاه الى آخر جزء منه على نحو ان يحصل الغمس بنحو العموم الاستغراقي
من حيث الماء و من الاعضاء و هذا لا يحقق موضوع الوحدة الزمانية و انما
يكون على نحو التطبيق دون الانطباق من وحدة الزمان و انما يكون من نوع
الوحدة الزمانيه بمعنى ان تكون أوّل الغمس في وقت و فى الوسط في وقت
ثاني و فى الاخير في وقت ثالث الى ان يتم به تمام الغمس على ان يكون
الوحدة الزمانية غير منقوضة بخروج بعض الاعضاء عن وسط الماء المغطى به
ذلك العضو.
و على هذا هل يشترط في ابتداء الارتماس من انعقاد النية
مقارنة لاول حركة ايجاد الفعل الارتماسي او يكفى مجرد الداعي بما انه
انعقد في نفسه امتثال امر اللّه من غير ملاحظة الخصوصيات من الاجزاء و
الشرائط و انما يكفى ولو كان على نحو الاجمال دون القصد التفصيلي كما
تعرضنا الى ذلك مفصلاً في مبحث نيه الوضوء فعلى مبنى النية الارتكازية
يمكن ان يأتى بالتقرب ولو كان عن طريق المبادىء و المقدمات كما لو جاء
بمقدمات الارتماس مثل أوّل مرحلة الغمس
.........................
و نحوه
فانّه يحقق موضوع النية في اتيان الفعل من غير ان يشترط فيه تمامية
الغمس حيث ان ما يرتبط بشرط الوجوب يختلف عن شرط الواجب للاختلاف
السنخي بينهما.
و يترتب على ذلك انه لو احتاج في حال التغطية من
التخليل لاحراز العمل فلا مانع منه ولكن هذا لا يمنع من صدق عنوان
الوحدة الغسلية في ضمن الاتيان بالتخليل و ان كان من يرى عدم صحة
التخليل يجعل ذلك من مقدمات الارتماس دون اخذه فى اثنائه كما ان من يرى
ان الاعتبار وصول الماء الى البشرة فلا يوجب الحكم بالتخليل.
4 ـ عند ما يحصل به الغطاء لتمام البدن على نحو يتحقق
به موضوع الارتماس بان يكون آن الانغماس و الدخول هو مقارنة ايجاد
الحركة الفعلية و هذا ما يكون من نوع الامر الزماني لا الزمان بخلاف ما
لو كان لحاظ الزمان ظرفاً للفعل الغسلى فيكون ذلك من نوع الزمان دون
الزماني فعلي الأوّل يكون انطباقاً و على الثاني يكون تطبيقاً اذ
الأوّل يلحق الوجود التقارني بين الفعل و الزمان و الثاني يراد به
تطبيق الفعل في مورد الزمان و يكون بمعنى الواقع فى الزمان على وجه
التطبيق في مورد الامر الخارجي و عليه في حال ما يتدرج به وضع المرتمس
من وضع القدم اليمنى و اليسرى الى ان يتم به وضع تمام البدن فى الماء
فكلها تأخذ على نحو التدرج في ايجاد النتيجة و هو الارتماس الكلي و
تمامية الارتماس يكون على نحو العلة الاخيرة فى الاتيان بتمام العمل و
عليه يوجد على نحو الان الفعلى دون الوجود التعاقبي كما انه يتحقق به
مقارنته لاول جزء من فعل الارتماس بناء على الاخطارية او يكفى ولو كان
عن طريق مقدماته بناء على الداعوية الارتكازية.
و لا يلزم
ان يكون تمام بدنه او معظمه خارج الماء بل لو كان بعضه خارجاً فارتمس
كفى(1) بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل و حرك بدنه كفى على
الاقوى(2) ولو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء
(1) لانه لما كان الاعتبار في صدق الارتماس ان يكون
الماء مكتنفاً لتمام البدن فلا يفرق الحال بين الابتداء فى ادخال جسمه
نصفاً او كلاً لانه بعد ما اوجد موضوع الارتماس على نحو الاحاطة و
الدفعة الواحدة عرفاً يكفى فى صدق الموضوع من دون اخذ الارتماس ان يكون
ابتداء و كان خارجاً ثم دخل او كان فى وسط الماء ثم ارتمس على نحو
الاكتناف و الاحاطة.
(2) فاذا كان البناء على ان ما يصدق عليه الارتماس
بالمعنى المصدري و هو ما استند الى الفاعل في ايجاد حركة الاغتسال
فيكفى صدق الارتماس ولو بتحريك جسمه فى الماء و اما اذا كان الاعتبار
في صدق الارتماس بما يكون بمؤدى حالة الانغماس بما لفاعلية الماء من
الاثر دون الارجاع الى فاعلية المنغمس فى الماء فيكفى على الثاني او
يفرق بين الغمس الاحداثى و الغمس الابقائي فان الأوّل جاء بالفعل من
غير ان يكون قبله شىء هذا بخلاف الثاني فانّه في حال اكتشاف الماء
لتمام بدنه و اراد الارتماس فانّه من نوع تحصيل الحاصل و انما الّذي
يحقق موضوع الغسل ان يكون بعض اعضائه خارجاً حتى يقال انه قد ارتمس فى
الماء و ذهب فى المستند الى اعتبار كون رأسه خارج الماء.
و يبدو
انه ارجع الامر الى مقام المفطرية في شهر رمضان فان الافطار يوجد ولو
بادخال الرأس في الماء كما ان السيد الحكيم قدسسره ارجع الامر
الى ما يصدق
.........................
عليه
موضوع الارتماس اذا كان الماء جارياً على جسده
انطلاقاً من قوله عليهالسلام كل ما جرى عليه الماء فقد اجزأه.
و لذا قال في وجوب التحريك تأمل مع ان ظاهر النصوص خالية من التحريك.
و ما يدعى بان ظاهر اوامر الغسل كون المأمور به فعلاً
وجودياً فاذا كان في داخل الماء و نوى الغسل و لم يتحرك لم يتحقق منه
فعل وجودي غير النية فلزوم التحرك لاجل تحقيق هذا المعنى الا ان السيد
الحكيم قدسسره قال في رد الدعوى ان المكث في داخل الماء حال
النية أيضاً فعل وجودي صادر باختياره.
ولكن يمكن
مناقشة السيد الحكيم بالنظر الى ما استدل به في قوله عليهالسلام
: كل ما جرى عليه الماء ... فان عنوان الجريان منصرف الى الترتيبي دون
الارتماسي و انما يدل عليه موضوع الارتماس ما كان مكتنفاً له دون صدق
عنوان الجريان عليه.
و اما بالنسبة الى دفع الدعوى فان النية و ان كان فعلاً
وجودياً الا ان الامر الوجوبي بما له امر ظاهري و هو ما يصطلح عليه
بالمبرز و الكاشف عن الامر الداخلي فان ما وقع في داخل الماء اذا لم
يكن له حالة كاشفة اما باخراج جسمه تماماً ثم الدخول بنحو الارتماس من
اخرى او كما يقول صاحب المستند بخروج رأسه لصدق عنوان الارتماس و اما
النية فليس لها كاشف عن ايجاد حركة من قبل المنغمس و ان عنوان الارتماس
انما يستند لفعل المنغمس و لا يكون مجرد الاحداث من قبل الفاعلي فيما
لو كان داخل الماء مجرد النية و عليه لابد من اظهار
المبرزية فى الجانب الفاعلي بناء على ارجاع الغسل
الارتماسي الى المصدر دون اسم المصدر.
و ذهب السيد الاستاذ قدسسره الى انه لو لم
يعتبر الاحداث في ذلك و قلنا بكفاية الابقاء فى الامتثال للزم الالتزام
فى الغسل الترتيبي أيضاً كما اذا صب الماء على رأسه بداع من الدواعي و
قصد الغسل بالرطوبات الباقية على بدنه لانه غسل بقائي اذ لا يعتبر فيه
جريان الماء على البدن فلو وضع اناء الماء على صدره فلصق الماء على
بدنه و هكذا الى آخر اجزاء بدنه كفى ذلك في تحقق الغسل المأمور به و ان
لم يكن للماء جريان.
ولكن بناء
على ان العلة المحدثة مبقية فان ما اوجده في حال الماء في أول الاحداث
الا انه يمكن القول بالابقاء على نحو تلك القاعدة الا ان الحكم يختلف
هنا عن موضوع القاعدة لادلة خاصة و عليه لابد من الاظهار في ايجاد حركة
من قبل المنغمس و اظهار الحركة لا يخلو بين امرين:
1 ـ الحركة من الداخل و هو عند ما يحرك جسمه في داخل
الماء.
2 ـ الحركة من الخارج و هو عند ما يطهّر جسمه من الخارج
ثم يحقق موضوع الارتماس الا ان ما يشير اليه السيد الاستاذ
قدسسره بان ظواهر الادلة فى الاوامر يراد بها الاحداث و التجدد ما لم
يعم عليه قرينة على كفاية الابقاء و الاستمرارية و عليه يكون النظر الى
ان مجرد من كان في مثل كونه ساجداً و تليت عليه آية السجدة فبقى فى
السجدة مقداراً بداعى امتثال الامر بالسجدة لم يكف ذلك
.........................
فى
الامتثال لأنّ ظاهر الامر طلب الايجاد و الاحداث فلا دليل اذن على
كفاية قصد الغسل و تحريك بدنه و هو تحت الماء لانه ارتماس بقائي فلابد
من ان يكون شيء من بدنه خارج الماء و يقصد الغسل بادخاله حتى يكون
ارتماس بدنه و هو تحت الماء لانه ارتماس بقائي فلابد من ان يكون شيء من
بدنه خارج الماء و يقصد الغسل بادخاله حتى يكون ارتماس بدنه تمامه
ارتماساً احداثياً.
او يقال
ان الميزان في عنوان الارتماس بما يفهم الحكماء و هو عبارة عن صدق
الحاوي على المحوى و ذلك يتحقق في حال انغمار الماء على البدن تماماً
الذي يتحدد بفرد الأوّل قصد الغسل و الثاني حركة البدن من داخل الماء
على نحو يكون التحرك من مكان الى محل آخر و هو ما يعتبر عنه بسطح مقعر
الماء المحيط به الى سطح آخر و هو الذي عليه مصطلح جماعة من الحكماء.
ولكن حيث
اتضح ان المراد بالارتماس ما كان مؤداه على نحو المصدر دون اسم المصدر
و عليه يراد به ان يكون الفعل مستنداً الى الفاعل و هو المنغمس فى
الماء دون اسم المصدر الذي هو حركة الماء على تلاقح اجزاء الماء بعضها
مع بعضها على نحو الالتقاء الفعلي و عليه يكون الارتماس يتالف من
حركتين الاولى تكون على نحو الاعداد من قبل الماء و الثاني على نحو
الفعليه الذي يتحقق بواسطة الفاعل و هو المنغمس و يكون الميزان في حال
جهة الايراد في عنوان الحركة دون مجرد الحركة الداخلية التي لم يكن لها
عنوان المبرزية فى الوجود الخارجي و عليه يكون الارتماس مجمعاً بين
المعنى المصدري و اسم المصدر مع اختلاف الحيثية.
من بدنه
وجبت الاعادة(1). و لا يكفى غسل ذلك الجزء فقط و يجب
(1) بما اشار اليه الماتن قدسسره و هو فيما لو
علم بعد الانتهاء من الغسل بقاء جزء من موضع بدنه لم يجر عليه الماء في
حال الغسل فذهب العلامة قدسسره فى القواعد
و صاحب المستند قدسسره الى كفاية غسل الموضع خاصة من دون الحكم
عليه بالاعادة من رأس و ذلك لما في ورد في صحيحة زرارة في قوله: فان
دخله الشك و قد دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شيء عليه و ان استيقن
رجع فاعاد عليه الماء و ان رآه و به بلّة مسح عليه و اعاد الصلاة
باستيقان
و لا سيما اذا كان البناء على صحة تقطيع الرواية و انها اما روايتان
واردة لزرارة او رواية واحدة مجزّءة كما اشار اليها السيد الاستاذ
قدسسره ان هذه الجملة من صحيحة زرارة المشار اليها ليست رواية مستقلة
و انما وردت في ذيل صحيحة الواردة في الوضوء حيث روى عن أبي جعفر
عليهالسلام انه قال: اذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر اغسلت ذراعيك ام
لا فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه انك لم تغسله او تمسحه مما سمى
اللّه ما دمت في حال الوضوء الى ان قال: قلت له رجل ترك بعض ذراعه او
بعض جسده من غسل الجنابة فقال اذا شك، و كانت به بلّة و هو في صلاته
مسح بها عليه و ان كان استيقن رجع فاعاد عليهما ما لم يصب بلّة فان
دخله الشك و قد دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شيء عليه و ان استيقن
رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلّة فان دخله الشك و قد دخل في صلاته
فليمض في صلاته و لا شيء عليه و ان استيقن رجع فأعاد عليه الماء و ان
رآه و به بلّة مسح
.........................
عليه و
اعاد الصلاة باستيقان.
و عليه
اذا كان البناء على التجزءة فى الروايات فيكون كل مقطع روائي دال على
الموضوعيه بغض النظر عن التقطيع فى الرواية من قبل المدون و هنا موضوع
آخر فاذا كان البناء على الامر التجزيئي فى الرواية أيضاً يكون مفاد
المقطعمنها فى مقام الغسل الترتيبي و هذا ما يجرى عليه الوضوء في حال
الحكم عليه بالامر الترتيبي أيضاً كما انه ينظر الى الجزء الثاني من
مقطع الرواية ما يدل على حكم الموالاة و هو أيضاً يحتوى على طرفين في
ناحية الحكم و الموضوع فتارة يكون الحكم بالنسبة الى الموالاة فيمن غسل
جزءاً من جسده و لم يغسله غفلة منه فكان الجواب من قبل الامام
عليهالسلام لا تعتبر الموالاة في مثل الغسل و اخرى يكون الحكم لخصوص
من تيقن بوجود بلة لم تجر عليها الغسل فعلية الاعادة.
ثم ان الكلام في حقيقة الارتماسي مع الترتيبي هل هما
وجود واحدة بنحو الوجوب التخييري اخذ في كل منهما على نحو البدل العقلي
او ان الغسل الارتماسي يختلف ماهية و حقيقة عن الترتيبي من حيث السنخ و
الحقيقة و انما الفرد الحقيقى لما ينطبق على الغسل هو الترتيبي و اما
الارتماسي فرد اجبني يكفى فيه المسقطية و يكون النظر فيه على نحو
التخيير الشرعي بحيث ان كل فرد يحمل حقيقة مستقلة فيما بين الغسل
الترتيب و الارتماسي. ولكن ما ورد في قوله عليهالسلام اذا ارتمس
الجنب فى الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك.
فانها تنافى فى التمسك بالقول باختلاف حقيقة الارتماس عن الترتيبي و
انما ظاهرها الاجزاء و انها فرد لطبيعي
.........................
الغسل ما
لم يقال ان الصحيحة واردة في خصوص الغسل الترتيبي دون الارتماسي و ان
المقام يستدعي اعادة الغسل كما عليه المختار.
كما انه يمكن تصوير ثمرة في حال القول بالاختلاف بين
الارتماسي و الترتيبي اذا شرع ابتداء في الغسل الترتيبي من أوّل رأسه
ثم بدا له ان يغتسل ارتماسياً و عندئذ ظهر له بقاء جزء من بدنه لم يصل
اليه الماء فعلى القول بالاختلاف فيما بين الترتيبي و الارتماسي فلابد
من العودة الى الغسل من جديد لانه لم يقصد الترتيب حتى يوجب القول
باتيان غسل المحل غير المغسول بعد غسله و انما كان مقاصد الارتماس الذي
اعتبر فيه اكتشاف الماء لجسده مع فرض الكشف عن عدم حصول الاكتشاف بنحو
الوحدة المائية و عندئذ يوجب بطلان غسله و هذا بخلاف ارجاع الترتيبي و
الارتماسي الى وحدة حقيقية فيمكن القول بصحة الغسل عند ظهور الجزء غير
المغسول حيث يكون المورد من نوع الكشف عن الانتقال من الارتماسي الى
الترتيبي.
ولكن بما ذكرنا ان الاختلاف بينهما أمر مفهومي حقيقي
فلابد من القول بعدم تمامية الغسل و عليه لابد من الغسل من جديد لعدم
تمامية الاحاطة المائية على البدن و ليس بين الارتماسي و الترتيبي نوع
وحدة حقيقية كما سار عليه السيد الاستاذ قدسسره.
تخليل الشعر اذا شك في وصول الماء الى البشرة التي
تحققه(1)، و لا فرق في كيفية الغسل باحد النحوين بين غسل الجنابة و
غيره(2)
(1) و ذلك لما ورد في قوله عليهالسلام: اذا
ارتمس ارتماسة
و يتحدد ذلك في صدق عنوان الوحدة المائية عرفاً و عندئذ يجب تخليل
الشعر في حال الشك بوصول الماء الى البشرة و اختلف بان التخليل هل يكون
في ضمن الاغتسال او يقع مقدمة له و ان كان الذي يناسبه ان يكون ابتداء
قبل حصول الارتماس و انه اخذ فيه الوجود الآني و ليس مأخوذاً فيه الامر
الزماني دون وحدة الزمان و انما الملاك الوحدة الآنية.
و هذا بخلاف من يرى القول بوحدة الغسلتين الترتيبي و
الارتماسي فيعتبر كل ما في الترتيبي يعتبر فى الارتماسي و عليه لابد من
ايصال الماء الى جميع اجزاء البدن لوحدة الملاك فى الجميع و انه لو ترك
بمقدار شعرة واحدة متعمداً دخل النار على ما فى الخبر.
(2) فاذا
كان البناء على الوحدة الملاكية بين الاغسال و انها حقيقة واحدة فما
يترتب على الاغسال من كيفيات مثل الترتيبي و الارتماسي يكون ذلك تابع
لوحدة الملاك و اما اذا كان البناء على الاختلاف و ان الارجاع الى
تنقيح المناط يحتاج فيه الى دليل و لا سيما اذا كان غسل الميت وارداً
فى الغسل الترتيبي مع القول باختلاف في حقيقة الغسل الترتيبي و
الارتماسي فلا يمكن القول بارجاع غسل الميّت الى كلّي الغسل فى الجنابة
و انما ما ينطوي عليه من الاجزاء بين الترتيبي و الارتماسي ذلك
لادلة خاص بالنسبة اليه و مجرد ما ورد في رواية
من سائر الاغسال الواجبة و المندوبة، نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء
بل لا يشرع(1)
الحلبي
عن الصادق عليهالسلام من انه عليهالسلام قال: غسل
الجنابة و الحيض واحد فهذا لا يثبت ان الوحدة سارية حتى لمورد الميت
أيضاً و ان كانت الغاية في الجنابة في قوله تعالى « و ان كنتم جنباً
فاطهروا » فان الغاية هي الطهارة و كذا بالنسبة الى الحيض الغاية فيها
الطهارة أيضاً. كما في قوله تعالى « و لا تقربوهنّ حتى يطهرن فاذا
تطهّرن » فانّه يترتب على الميّت كانه يراد بالطهارة الحكمية دون
الحقيقية و عليه لا يمكن القول بوحدة الحقيقة في ناحية الغسل و في
ناحية الطهارة كما انه يوجد اختلاف بين ما يبتني عليه موضوع الحي و ما
يبتني عليه موضوع الميّت و عندئذ لا مجال لتسرية الحكم من غسل الجنابة
الى غسل الميّت. هذا مع انه جرى على الاختلاف في ناحية عدم التعارف ان
يغسل الميت بالغسل الارتماسي و ما ورد من انه كغسل الجنابة لا دلالة
فيه على عموم التشبيه حتى في صحة الارتماسي به.
(1) و هو
اتفاق الاصحاب قديماً و حديثاً و ادعى عليه الاجماع محصلاً و منقولاً
هذا بالاضافة الى ما تدل عليه الآية المباركة في قوله تعالى: « اذا
قمتم الى الصلوة فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الى المرافق » ـ الى قوله ـ «
ان كنتم جنباً فاطهروا »
و يكون وجه الاستظهار من الآية قد جاءت بحركتين تشريعيتين بحيث جعلت كل
عنوان تشريعي في ناحية الحركة ما يرشد الى موضوع معين يختلف عن الموضوع
الآخر و عليه فما يترتب على كل موضوع حكم يخصه لا يتعدى الى الموضوع
الآخر فما وقع عليه التشريع في خصوص الوضوء هو
بخلاف سائر الاغسال كما سيأتي ان شاء اللّه تعالى(1).
الارجاع
الى الحركة الوضوئيه المنبعثة من غسل الوجه و اليدين و هما الغسلتان و
المسحتان اللتان ينتزع منهما الوضاءة و النورانيه و هذا بخلاف الجنابة
اخذ فيها عنوان الطهارة بما يقابلها وجود النجاسة الخبثيّة و ان
الاتيان بالغسل الترتيبي او الارتماسي يحقق موضوع الطهارة و بذلك تكون
الآية ناظرة الى التفصيل فانّه قاطع للشركة.
هذا مع انه ورد في خبر عبداللّه بن سليمان قال: سمعت
الصادق عليهالسلام يقول: الوضوء بعد الغسل بدعة. و كذا خبر
سليمان بن خالد عن الباقر عليهالسلام كذلك. و هكذا المروى
مرسلاً فى التهذيب ان الوضوء قبل الغسل و بعده بدعه.
فان مجموع هذه الاخبار لم تشرع الوضوء قبل غسل الجنابة
و بعده كما ان المشهور ذهب الى عدم استحباب الوضوء لا قبله و لا بعده و
ما ورد في بعض الروايات كما في صحيح حكم بن حكيم و فيه ان الناس يقولون
يتوضأ وضوء الصلاة بعد الغسل فضحك عليهالسلام و قال: اى وضوء
انقى من الغسل و ابلغ.
او ما ورد فى خبر محمد بن مسلم قال قلت للباقر
عليهالسلام: ان اهل الكوفة يروون عن على عليهالسلام انه كان
يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة. قال عليهالسلام: كذبوا على
عليّ عليهالسلام ما وجدوا ذلك في كتاب علي عليهالسلام
قال: و ان كنتم جنباً فاطهّروا.
و على أي حال فما ورد في تقديم الوضوء على الغسل او
بعده محمول على التقية و قد اعرض الاصحاب عنه فلا يعتمد على مثل هذه
الروايات و ان ما ورد في صحيح حكم بن حكيم او خبر محمد بن مسلم فانّه
استنكار على من يرى تقديم الوضوء او تأخيره.
(1) كما عليه المشهور من عدم الاجزاء عن الوضوء مطلقاً
ولكن السيد قدسسره
.........................
قال:
باجزاء غسل الواجب دون المستحب و ذهب المقدس الاردبيلي و عليه جماعة من
اتباعه قدسسرهم الى اجزاء الغسل، مطلقاً ولو كان مندوباً عن الوضوء و
استدل المشهور بعموم ما ورد في وجوب الحكم بالناقضيّة للبول و نحوه و
تمسكوا أيضاً بالاطلاق مع القول بعدم الفصل عند ما لم يكن الا الحدث
الاكبر و ذلك في حال كونه على وضوء و مس الميّت فانّه يوجب الناقضية و
كذا تمسكوا فى اطلاق قوله تعالى: « اذا قمتم الى الصلوة فاغسلوا » و
ذلك بالارجاع الى القول بعدم الفصل أيضاً. كما ان المراد في كلمة قمتم
بمعنى القيام الى النوم في احد الوجوه.
و كذا ما ورد في مرسل ابن ابى عمير عن الصادق
عليهالسلام قال: كل غسله قبله وضوء الاّ غسل الجنابة. و ما رواه الشيخ
بطريق صحيح الى ابن ابى عمير عن حماد بن عثمان او غيره عن الصادق
عليهالسلام في كل غسل وضوء الا مع الجنابة في فرض ان تكون رواية
ثانية.
و المروي عن غوالى اللئالي عن النبي
صلىاللهعليهوآله : كل غسل لابد فيه من الوضوء الاّ الجنابة. و
المروي عن الكاظم عليهالسلام : اذا اردت ان تغتسل الجمعه فتوضأ
و اغتسل بالاضافة الى القول بعدم الفصل بين غسل الجمعة و بين غيره من
الاغسال ما عدا الجنابة فاذا جئنا الى مفردات ما استدل به المشهور فلا
يخلو من مناقشة سنداً و دلالة الا انه مع ذلك جعل ذلك من المسلم عنده و
ذهب المحقق الآملي قدسسره في مصباحه الى الاعتبار في تقديم قول
المشهور بما استند الى الشهرة القدمائية لا بالنسبة الى المتأخرين.
.........................
ثم انه ورد في صحيح على بن يقطين و فيه اذا اردت ان
تغتسل للجمعة، فتوضأ و اغتسل فاذا اغتسلت لغير جنابة فابدء من الوضوء
ثم اغتسل و يكون بحسب حمل المطلق على المقيد و ذلك بالنظر الى بقية
الروايات يكون العمل بتقديم الوضوء اولاً ثم الغسل ثانياً ولكن لو اخذ
في ناحية المناقشة للمطلقات و انه يجوز تقديم الغسل قبل الوضوء سواء
الغسل واجباً ام مندوباً.
و عليه اذا لم يعمل بالمطلقات فيمكن الاخذ بالمقيدات في
ناحية تقديم الوضوء على نحو الافضلية بما ان الوضوء امر استحبابي نفسي
فيمكن القول بتقديمه. و اما اذا جاء بالوضوء متقدماً على الغسل فيؤتى
به على نحو الرجاء حذراً لما ورد من تقديمه يكون على نحو الابتداع و
التشريع المحرم. و قد ورد عن المحكى عن غير واحد التصريح بجواز اتيان
الوضوء فيما بين الغسل ولكن ورد في جامع ان ما يفهم من القواعد من عدم
جواز تخلل الوضوء ليس بمراد انتهى. و الا ان المحقق الآملي
قدسسره قال: و الاقوى هو الجواز للاطلاق بل لعلة الاولى من التقديم و
التأخير لمخالفتهما مع المرسل المروي عن نوادر الحكمة الوضوء قبل الغسل
و بعده بدعة.
و يتحدد
القول بالجواز فى الغسل الترتيبي دون الارتماسي لعدم امكان تصوير دخالة
الوضوء فى الغسل الارتماسي كما لا يخفى.
(مسألة 1) الغسل الترتيبي افضل من الارتماسي(1).
(1)
يمكن تصوير الافضيلة على انحاء:
1 ـ لملاك الاستظهار من الروايات و ذلك بالامر بالغسل
الترتيبي و الابتداء بغسل الرأس ثم البدن و الصب على الرأس ثلاثاً ثم
الصب على المنكب الايمن مرتين و على المنكب الأيسر مرتين.
ثم ورد الاخبار بالاجزاء اذا غسل ارتماساً
و يكون من مجموع الروايات و ضم بعضها مع بعض يكون المنساق الى الترتيبي
هو المنظور الاولى و المنساق الى الارتماسي هو المنظور الثانوي فيقدم
الاولي على الثانوي بالافضلية.
2 ـ بما ان الترتيبي هو الاصل و ان الارتماسي يكون
الفرع فمقتضى تقديم الاصل يكون افضل من الفرع.
3 ـ بما ان الارتماسي في اصل جعله مبنى على الرخصة و
التخفيف و بذلك يكون مورداً للاجزاء بينما ان الترتيبي في اصل جعله اخذ
على نحو الخطاب الاولي فى الجعل فيقدم على الارتماسي لانه هو المنظور
الاولي و بذلك يكون افضل.
4 ـ بما تعتبر به الارتماسي فى الاخبار من حكمة الاجزاء
و انه ورد: انه يجزيه ذلك من غسله. و هذا يثبت جهة البدلية عن المبدل
عنه و على ذلك يمكن القول بالافضلية أيضاً.
5 ـ للاستناد الى ان الترتيبي صادر عن النبي
صلىاللهعليهوآله و الائمة الاطهار عليهمالسلام و لم يكن ذلك
الارتماسي جارياً في عهدهم، فيكون ذلك مقدماً و ان قالوا باجتزاء
الارتماسي عنه لعدم حصول المياه الواسطه و عدم توفر الحياض في تلك
العصور و هذا ما يؤكد على الافضلية.
(مسألة 2) قد يتعين الارتماسي كما اذا ضاق الوقت عن
الترتيبي، و قد يتعين الترتيبي كما في يوم الصوم للواجب و حال الاحرام
و كذا اذا كان الماء للغير و لم يرض بالارتماس فيه(1).
(1)
وجه التعيين لملاك الاهم على المهم و ذلك في فرض ضيق وقت الترتيبي
فينقل الى الارتماسي بملاك الاهم فيقدم عليه و ان كان هناك موارد في
تعيين الغسل الترتيبي.
1 ـ يوم الصوم و وقت الاحرام الى الحج فلا يصح اتيان
الترتيبي و لا يكون العمل متقرباً به الى اللّه الا انه وقع الكلام في
بطلان الغسل و عدمه هل يكون وجود النيّة قبل العمل او بعده او فى
الاثناء او في حال الخروج كما يأتي في محله، و المهم ان المحرم اذا
تعنون بعدم التقرب يكون باطلاً.
2 ـ تعين الترتيبي اذا كان الماء مملوكاً للغير و لم
يقبل المالك ان يغتسل بالارتماسي كما انه يمكن العكس و ذلك اذا لم يقبل
بالترتيبي ينتقل الى الارتماسي و يكون على نحو الواجب التعيني أيضاً.
(مسألة 3) يجوز فى الترتيبي ان يغسل كل عضو من اعضائه
الثلاثة بنحو الارتماس بل لو ارتمس فى الماء ثلاث مرات مرة بقصد غسل
الرأس و مرة بقصد الايمن و مرة بقصد الايسر كفى، و كذا لو حرك بدنه تحت
الماء ثلاث مرات او قصد بالارتماس غسل الرأس، و حرك بدنه تحت الماء
بقصد الايمن و خرج بقصد الايسر، و يجوز غسل واحد من الاعضاء بالارتماس
و البقية بالترتيب، بل يجوز غسل بعض كل عضو بالارتماس و بعضه الآخر
بامرار اليد(1).
(1) حيث لم يقع الحصر في اتيان الغسل الترتيبي على نحو
معين و انما كان لسان الترتيبي ايجاده بذلك النمط من امرار الماء على
رأسه و على منكبيه او اخذ الصب على الاعضاء بنحو المقدمة و لا يكون ذلك
بنحو الحصر و اليقين بتلك الكيفية الخاصة و انما ارجع الامر الى ما
ينساق اليه العرف فى الغسل فلو جاء بغسل الرأس على نحو الأمر الترتيبي
ولكنه اراد ان يغسل الاعضاء الاخرى على نحو الارتماسي صدق عليه موضوع
الترتيبي من حيث العنوان الكلي و ان كان ابعاضه ارتماسياً.
و اما تحريك بدنه فى الماء فكما اشرت اليه ان الارتماس
هو المجمع بين المعنى المصدري و اسم المصدر مع اختلاف الاضافة و
الحيثية من غير حاجة الى الارجاع لما ذهب اليه السيد الاستاذ
قدسسره بمعنى الاحداث دون الابقاء و عندئذ لابد من ابراز فى الحركة و
لا يكفي مجرد الحركة الداخلية فى الماء ولكن حيث ان ايجاد الغسل
الترتيبي اخذ على نحو التبعيض في ناحية الغسل الارتماسي فيمكن ان يحقق
موضوعه بحركة العضو من داخل الماء لاحد اطراف العضو دفعة و يوجد بذلك
موضوع الارتماس من حيث الاكتناف المائي و ان قصد به الامر الترتيبي.
(مسألة 4) الغسل الارتماسي يتصور على وجهين:
احدهما: ان يقصد الغسل باول جزء دخل فى الماء، و هكذا
الى الآخر فيكون حاصلاً على وجه التدرج.
و الثاني: ان يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه،
و حينئذ يكون آنياً، و كلاهما صحيح، و يختلف باختلاف القصد، ولو لم
يقصد احد الوجهين صح أيضاً، و انصرف الى التدريجي(1).
(1)
مما استعرضناه بان الغسل الارتماسي مجمع المعنى المصدري و اسم المصدر
مع اختلاف الاضافة بلحاظ المتعلق و الاختلاف من حيث الامر التحيثي
النسبي مع فرض حصول القصد الى فعل المنويّ الخارجي و لا يفرق في ناحية
اتيان المقدمات الاعدادية سواء كان على نحو الشروع تدريجياً ام لا.
او بعبارة اخرى انه يحقق الموضوع الارتماسي على نحو
الدفعة الآنية و يكون بذلك قد حقق في أن الاكتناف المائي مع آخر جزء من
بدنه بنحو القضية الحينيّة و الوجود التقارني بين الوجود المائي و
الوجود الجسماني.
و هذا ما عليه مسلك المشهور الذي يمكن ان ينتزع فيما
بين الوجودين قضية مشروطة و ذلك فيما بين كل جزء من الماء مشروط بجزء
من العضو في ناحية الحصول التقارني عند الانغماس.
و عليه فاذا كان البناء على مسلك المشهور فلابد من حصول
الدفعة العرفية و اما على المسلك الآخر و هو القول باتيان الارتماس ولو
تدريجياً و يتحقق ذلك عند ما يكون البدن خارجاً ثم يأتي به على نحو
التدريج او يمكن القول بان وجود الارتماس يتحقق ولو كان على نحو
الابقاء دون الاحداث كما اشار اليه
.........................
المحقق الآملي قدسسره
من غير الاشتراط الخروج عن الماء ولو كان بعضاً منه و ان كان المختار
ان الارتماس عبارة عن ذلك المجمع و هو آني الوقوع و يكون الحق كما عليه
مسلك المشهور و تكون الثمرة عندئذ لو كان الغسل الارتماسي اخذ على نحو
آني الوقوع لامتنع فرض وقوع الحدث فى الاثناء كما يمتنع أيضاً وقوعه من
صاحب الشعر الكثيف لمنافاته لآني الحصول.
و اما لو كان البناء على عدم التمسك بآني الوقوع فيمكن
القول بعدم الامتناع سواء كان بالنسبة الى الحدث او تخليل الشعر لأنّ
الارتماس اخذ فيه على نحو التدرج فى الوجود او يكون البناء فى
الارتماسي انه اخذ على نحو غمس الاعضاء متوالياً بحيث يتخذ عرفاً على
ان يكون اوله غمس أوّل جزء من البدن و آخره غمس آخر الاجزاء و هو أيضاً
منسوب للمشهور على نحو الوجه الثاني و هو مناف لصحة ما يقع منه في مثل
الحدث فى الاثناء او التخليل أيضاً و عليه يمكن الجمع بين الاتجاهين ان
قصد المشهور هو ايجاد العمل بنحو الوحدة العرفية الذي اشرنا اليه في
ناحية الجمع بين المعنى المصدري و اسم المصدر و عليه لا يكون خلافاً
فيما سلكه المشهور كما يبدو من نظر صاحب المستمسك قدسسره
من جعل الخلاف في مسلك المشهور و الحق خلافه و ان كان صاحب الجواهر
قدسسره تعرض عدة اقوال حول المراد من الارتماس نقلها المستمسك فراجع.
و المهم ان الثمرة تبتني على حصول الاختلاف بين التمسك
فى الارتماسي على نحو الآنيّة و الوحدة العرفيه بما سلكه المشهور فيوجب
بطلان الغسل اذا جاء
.........................
بالحدث فى الاثناء او جاء بالتخليل لشعره و اما اذا كان
البناء على التدرج في موضوع الارتماسي فلا يوجب البطلان و ما ذكره صاحب
الجواهر من الوجوه في معانى الارتماسي يمكن ارجاعها الى هذين الامرين
اللذين اشرنا اليهما و عليه تكون متداخلة.
(مسألة 5) يشترط في كل عضو ان يكون طاهراً حين غسله فلو
كان نجساً طهره او لا و لا يكفى غسل واحد لرفع الخبث و الحدث كما مر فى
الوضوء و لا يلزم طهارة جميع الاعضاء قبل الشروع فى الغسل و ان كان
احوط(1).
(1)
و هذا مما اشير اليه في مبحث الوضوء للبناء على اصالة التداخل فيما بين
العضو النجس و بين الطهارة او للبناء على ان ملاقاة الماء القليل يوجب
انفعاله بملاقي النجس فيوجب بذلك عدم رافعية الحدث و الخبث او للبناء
على عدم الاجتزاء بغسل واحد للحدث و الخبث لا شرطية رفع الخبث في صحة
الغسل لرفع الحدث.
و ما اشكل
بان ذلك لا تنافى القول باصالة عدم التداخل الا ان السيد الحكيم
قدسسره قال: لا دليل على اصالة عدم التداخل حينئذ لأنّ الموجب لعدم
التداخل ظهور تعدد الشرط في تعدد الجزاء فاذا بنى على رفع اليد عن هذا
الظهور بالنسبة الى الخبث ـ و انه يتحقق ولو بالغسل لرفع الحدث ـ فلا
مانع من الاخذ باطلاق الاجزاء بالنسبة الى الحدث فيكفى في رفعه بمجرد
الغسل و ان ترتب عليه رفع الخبث.
و المهم
في عرض الكلام ان المورد فى البناء الأوّل لابد ان يفرق فيه بين
التداخل و الادخال حيث ذكرنا فيما سبق من حصول الفرق بينهما و ان سبق
ازالة النجاسة عن المحل من نوع الادخال و ليس بنحو التداخل و لا سيما
على القول بان المورد اخذ بنحو الامر التواردى و الوجود التقارني فلا
مانع من آن ازالة
.........................
النجاسة مع الطهارة.
هذا مع ان دعوى القول باصالة عدم التداخل ممنوع لعدم
تمامية الكبرى كما ان دعوى القول من ان كل واحد من الحدث و الخبث سبب
لوجوب غسل البدن فاذا تحقق السببان وجب تعدد حكمها ولكن بما اشرنا اليه
انه و ان تم تعدد السبب الا ان ذلك لا يمنع من الارجاع الى الوجود
التقارني و الامر التواردي على نحو الوجود المسببي في ناحية الامر
الواحد و عندئذ لا يلزم منه اجتماع الامرين المتضادين و لا سيما على
القول بتعدد الجهة و الحيثية و القول بان المورد من نوع تعدد الوجودين
المستقلين على محل واحد كما عليه القول فى اجتماع الامر و النهي و عليه
اذ اخذ عنوان الازالة للنجاسة الخبثية على نحو الشرط و ان الارجاع الى
عنوان الطهارة عن المحل من نوع المشروط فلا يكون آن الشرط هو آن
المشروط و انما بينهما اختلاف رتبي فلا يكون بينهما على نحو الاجتماع
الآني.
و اما بالنسبة الى البناء الثاني و هو انفعال الماء
القليل بملاقاته للمحل النجس فيمكن الاجابة تارة تحت عنوان القول
بنجاسة الغسالة مطلقاً سواء كانت قبل الانفصال عن المحل ام بعده.
و اما اذا كان البناء على توقف خروج النجاسة على المحل
فلا يكون ذلك موجباً للقول بنجاستها بعد الانفصال عن المحل و عندئذ
يحكم بالطهارة بعد ذلك. و اخرى يمكن الاجابة بفرض ثاني و هو ان الغسالة
اذا كانت متنجسة فلا تكون منجسة بناءً على المختار بان المتنجس غير
منجس الابناء على مسلك المشهور من اعتبار النجاسة فى المتنجس. ولكن
الكلام في صحة الاغتسال بالمتنجس و عدمه الا انه يثبت الدليل على عدم
صحة الاغتسال به كما انه لا يزيل الخبث و عليه فرفع
.........................
الحدث
بواسطة ما وقع على المحل النجس غير قابل للازالة و انما لابد من طهارة
الماء قبل المحل ولو جئنا الى ازالة الخبث لكان المعتبر أيضاً طهارة
الماء ليصدق عليه عنوان المزيل فاذا قدر اشتراط طهارة الماء حتى في ظرف
وصوله للمحل مع فرض البناء على نجاسة الغسالة مطلقاً لاستلزم عدم امكان
التطهير و هو مما ينافي ظاهر الروايات.
و اما بالنسبة الى ازالة الحدث فيشترط فى الماء الطهارة
قبل عروضه على المحل او بعده ذلك لاعتبار اشتراط التطهير قبل المحل و
انما الاشتراط عام لما قبل المحل و بعده كل ذلك في حال البناء على
القول بنجاسة الغسالة مطلقاً و هذا بخلاف الماء الكثير او الجاري لعدم
تصور النجاسة الى ملاقيه المتنجس او النجس لانه بآن ملاقاة الماء ينعدم
موضوع الملاقي و هو المتنجس او النجس كما انه بالنسبة الى القول بطهارة
الغسالة او البناء على ان الغساله المتعينة لطهارة المحل فلا يكون
الماء متنجساً او نجساً و عندئذ لا يوجوب بطلان الغسل.
هذا مع ان لسان الروايات في مثل صحيحة زرارة عند الامر
بغسل البدن من القرن الى القدم.
او في مثل قوله عليهالسلام: او صب الماء عليه.
و كذا في مثل موثقة عمار في قوله عليهالسلام: فعليه ان يغسل
ثيابه و يغسل كل ما اصابه ذلك الماء.
الى غير ذلك من الروايات الدالة على ان الازالة للحدث و الخبث و ذلك
بحسب اطلاقها الا انه يمكن ان يستفاد من اطلاق الازالة لكليهما على نحو
الوجود
التواردي و ان اخذ الاشتراط فى الازالة من حيث المبدأ
ولكن اخذ التوارد على نحو الوجود الرتبي دون الامر الزماتي كما ان ما
ذهب اليه الشيخ قدسسره فى المبسوط بأن وجوب ازالة النجاسة اخذ
على نحو الامر التعبدي دون الوجوب الشرط ممنوع اذ ما اوضحناه سابقاً ان
المورد من نوع الوجوب الشرطي في حال الابتداء ولكنه يؤخذ على نحو الامر
التواردي باختلاف الرتبة و لا يراد به الواجب التعبدي و هذا ما يدل
عليه أيضاً صحيح حكم بن حكيم الآمر بغسل الرجلين اللتين هما آخر
الاعضاء.
فكان الاطلاق لغسلهما معاً يوجب ان يكون كفاية غسلة واحدة لرفع الخبث و
الحدث و هو معنى الذي اشرنا اليه على نحو التوارد و الوجود التقارني.
الا انه يمكن الاشكال بان المحكي عن الحلبي في اشارة
السبق و العلامة و غيرهما بامكان الاستدلال الى جملة من الروايات
بالاضافة الى قاعدة الاشتغال و استصحاب بقاء الحدث بما ورد في صحيح حكم
بن حكيم في قوله عليهالسلام : ثم اغسل ما اصاب جسدك من اذى ثم
اغسل فرجك و افض على رأسك و جسدك فاغتسل.
ولكن يرد عليه و ان جاء فى الصحيح بحكمة (ثم) الدالة
على الترتيب الا انه لا يراد بها الترتيب الزماني و انما يراد به
الترتيب الرتبي و هو كاف فى الاطلاق ولكن لا يثبت عدم الاجزاء و ان كان
الغسل فيه على نحو التوارد و اما دعوى القول بجريان قاعدة الاشتغال و
استصحاب بقاء الحدث أوّل الكلام و لا سيما على القول بانفصال الغسالة
عن المحل يكون مجرى للبراءة كما انه يقين برفع الحدث فلا مجال
.........................
للاستصحاب بعد اليقين برفع الحدث.
و عليه يتجلى البحث بعدم اسبقية الغسل الخبثى على الغسل
الحدثي و انما يكفي الوجود التقارني بينهما. و هذا أيضاً جار حتى فيما
بين الشرط و المشروط و انما التقدم بينهما على نحو المرتبة أيضاً و هذا
غير ما يتعنون به على نحو تداخل الغسل مع الغسل (بالضم) لاخذهما على
نحو الاتحاد بينما الذي نقوله في مورد البحث يؤخذ ان على نحو الانضمام
و المقارنة بين الوجودين كما لا يخفى.
هذا مع ان رفع الخبث من الاحكام الوضعيّة و لا ربط له
بالامور القصدية و لذا يتحقق رفع الخبث سواء قصده ام لا.
(مسألة 6) يجب اليقين بوصول الماء الى جميع الاعضاء فلو
كان حائل وجب رفعه و يجب اليقين بزواله مع سبق وجوده و مع عدم سبق
وجوده يكفى الاطمئنان بعد الفحص(1).
(1)
بمقتضى وجوب رفع الحائل عن محل الوضوء و قد مرّ بيانه فكذلك الحال
بالنسبة الى مورد الجنابة فانه يجب رفع كل ما اوجب حائلاً و مانعاً من
جريان الماء على المحل و الكلام تارة لمجرد ايصال الماء و اخرى مع
شرطية احراز الوصول الى المحل المغسول و حيث ثبت انه يجب اليقين بوصول
الماء الى تمام الاعضاء فاذا قدر وجود الحائل وجب عليه رفعه و لذا عند
الشك في فراغ الذمة كان مقتضى الاصل اشتغال الذمة لعدم الخروج عن
العهدة الا بعد العلم بالفراغ اليقيني كما انه مجرى لجريان استصحاب
بقاء الحدث و انه لا ينقض اليقين الا بيقين مثله.
بالاضافة الى ما ورد في رواية علي بن جعفر
عليهالسلام قال: سألته عن المرأة عليها السوار و الدملج في بعض ذراعها
لا تدري تجرى الماء تحتهام لا كيف تصنع اذا توضأت أو اغتسلت؟ قال:
تحركه حتى يدخل الماء تحته او تنزعه.
و هو ظاهر برفع الحائل في حال جريان ماء الوضوء مع فرض
اليقين بوجود الحائل و في حال العلم بوجوده لابد من الفحص حتى يحصل
لديه بعدم وجود الحائل و هذا ما اشرنا اليه في مبحث الوضوء فلا حاجة
للاعادة.
(مسألة 7) اذا شك في شىء انه من الظاهر او الباطن يجب
غسله(1) على خلاف ما مر في غسل النجاسات حيث قلنا بعدم وجوب غسله، و
الفرق ان هناك الشك، يرجع الى الشك فى تنجسه بخلافه هنا حيث ان التكليف
بالغسل معلوم، فيجب تحصيل اليقين بالفراغ. نعم لو كان ذلك الشيء باطناً
سابقاً و شك في أنه صار ظاهراً أم لا فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله
عملاً بالاستصحاب.
(1) لما جرى عليه الماء بالنسبة الى الوضوء يكون الاعتبار فيه على ظاهر
الجسم و لا ينظر فيه الى الباطن كداخل العين او الانف و الشقوق
الداخلية التي تقع خارجة عن الظاهر فان كل هذه الامور لا يجب غسلها
لكونها من الباطن دون الظاهر و ما يجري عليه الحكم في خصوص الظاهر فاذا
وقع الشك في الشيء انّه من الظاهر او الباطن فان كان هناك حالة سابقة
لاحدها يؤخذ به على الاختلاف بان الشبهة قد تكون موضوعية و قد تكون
حكمية و ذلك فى الرجوع اما الى البراءة او الاشتغال و اما في حال عدم
العلم بالحالة السابقة و هذا مبنى أيضاً
على ما مر في مبحث الوضوء بان موضوع الغسل هل قام على الغسلتين و
المسحتين بنحو الوجود الخارجي او الامر الانتزاعي و كان المختار لدينا
هناك الاخير دون الأوّل و عليه مجرى الاحتياط بخلاف الأوّل فانه يكون
مجرى البراءة.
كما ان هناك اتجاه ثالث القول بالتفصيل بين الوضوء و
الغسل بالرجوع الى البراءة فى الوضوء و الرجوع الى الاشتغال فى الغسل و
وجه التفصيل حيث ان المأمور به فى الوضوء هو الغسل (بالفتح) و فى الغسل
(بالضم) هو الطهارة الحدثية للاستناد فى آية الوضوء في قوله تعالى: «
فاغسلوا وجوهكم و ايديكم » حيث امر فيها بالغسل بلحاظ الافعال بينما
بالنسبة الى الغسل ـ بالضم ـ كان النظر الى
.........................
الغسل بالطهارة الحدثية كما تشير اليه الآية في قوله تعالى: « و ان
كنتم جنباً فاطهروا » ولكن حيث كان المختار لدينا عدم الفرق بينهما
لرجوع الوضوء الى الامر الانتزاعي و هو الطهارة و النورانية و لذا يكون
في ظرف الشك المرجع الى الاحتياط مع استصحاب الحدث.
لا يقال ان اثبات عدم غسل الموضع من الباطن يوجب ان
يكون اصلاً مثبتاً، فانه يقال بعدم الاستلزام لعدم كون غسل الموضع من
الباطن من الآثار المترتبة على لوازم المستصحب و انما المناط على الامر
المرتبط في خصوص المستصحب.
(مسألة 8) ما مر من انه لا يعتبر الموالاة فى الغسل
الترتيبي انما هو فيما عدا غسل المستحاضة و المسلوس و المبطون فانه يجب
فيه المبادرة اليه و الى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث(1).
(1)
للاختلاف بين غسل الجنابة حيث لم يعتبر فيه الموالاة بما انه حكم وضعي
و بين المسلوس و المبطون و المستحاضة حيث يعتبر فيها الموالاة بما انها
احكام تكليفية و انما كان وجوب الموالاة بما انه مرتبط في ناحية
المبادرة الى اتيان الصلاة مع الطهارة بالوجود التقارني كما اخذ فيها
عدم الفوت كما انها مساقة للاحكام النوعية دون الشخصية و لذا لو ان
المسلوس و المبطون و نحوهما اغتسلوا من غير حدوث حدث مع مراعاة
الموالاة كان الغسل صحيحاً و عليه فان الملاك ليس لجهة خصوصية في هذه
الاغسال و انما الحكم عام للجنابة و غيرها فلا تعتبر فيها الموالاة.
و هذا لا يمنع من انطباق الموالاة على بعض الظروف
الاستثنائية كما لو انعقد النذر على الاتيان بالموالاة او كانت
المستحاضة دائمة الحدث فانه يجب المبادرة الى الغسل و الصلاة لعدم صدق
الفوت او للتقليل لموضوع الحدث بناء على صدق الحدث بعد الحدث دون اخذ
الغسل بنحو الرفع التعبدي فانه لا يصدق عليه موضوع الحدث بعد الحدث كما
لا يخفى. و ما يقال بان الوضوء التجديدي نورٌ على نور لا علاقة له
بتوارد الحدث على الحدث على نحو الاشتداد و انما هو من نوع توارد
الظلمة بعد الظلمة فلا تؤخر فيهما على نحو الاشتداد و التأكد.
(مسألة 9) يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيباً
لا ارتماساً. نعم اذا كان نهر كبير جارياً من فوق على نحو الميزاب لا
يبعد جواز الارتماس تحته أيضاً، اذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو
كونه تحت الماء(1).
(1)
لكون موضوع ماء المطر لم يحقق موضوع الاكتناف و الاحاطة و لذا يتم به
الغسل الترتيبي دون الارتماسي. و هكذا الحال بالنسبة لما جرى من
الميزاب فانه أيضاً لم يثبت به حقيقة الاحاطة او ما نطلق عليه
بالالتحاف المائي لمجموع الجسد و البدن و ان ذهب في المبسوط و غيره الى
صحة الارتماسي بهما الا انه فى المعتبر و المدارك ذهبا الى عدم صحته
بهما، ولكن فى الحدائق التفصيل بين المطر الغزير و بين غيره بصحته فى
الأوّل دون الثاني.
الا انه اتضح مما حررناه ان ما يصدق عليه موضوع
الارتماسي هو المجموع بين المصدر و اسم المصدر و هو ما نطلق عليه
بالحركة من قبل الماء و هو لحاظ الاكتناف من التغطية التامة من طرف
الماء و الحركة من قبل المرتمس على نحو يوجد حركة الانغماس فى الماء
على نحو الدفعة الواحدة مع الحصول على النية في حال الشروع بالارتماس
فما دام في حال تهاطل المطر و صدق الوحدة العرفية من اغلب اطراف البدن
ولكن حصول الحاجب من طرف آخر و هما المقدمات الملاصقات على وجه الارض
فالحاق المطر او الميزاب للماء المكتنف و المحيط بالجسم لا يخلو من
بعد.
نعم لا مانع من صدق الغسل فيهما على نحو الامر الترتيبي
و اما الاستدلال بما ورد عن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم
عليهالسلام من حصول المطر بالوقوف تحت الغيث حتى يبل جسده و فيه قال:
سألته عن الرجل هل يجزيه من غسل الجنابة
.........................
ان يقوم فى المطر حتى يغسل رأسه و جسده و هو يقدر على ما سوى ذلك؟ فقال
عليهالسلام: ان كان يغسله اغتسالة بالماء اجزءه.
فان المتصرف الى مثل هذه الرواية الى الغسل الترتيبي دون الارتماسي،
هذا مع ان التعدية من الغيث الى الميزاب محتاج الى الدليل و هكذا
بالنسبة الى ما ورد في مرسلة محمّد بن أبي حمزة
عن الصادق عليهالسلام في رجل اصابته جنابة فقام فى المطر حتى
سال على جسده أيجزيه ذلك من الغسل؟ قال عليهالسلام : نعم الا
انه قد استدل بها على الشمول لكل من الارتماسي و الترتيبي بمقتضى
الاطلاق و كذا في مثل صحيح زرارة و فيه: ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الى
قدميك. و كذا مثل قوله عليهالسلام : ثم افض على رأسك و جسدك الى
غير ذلك من الروايات الدالة بحسب اطلاقها لما يسهل الارتماسي و
الترتيبي.
ولكن قلنا ان مثل هذه الاطلاقات منصرفة الى الغسل
الترتيبي لكون الارتماسي خارج عن المورد لعدم الصدق العرفي مما ينطبق
عليه عنوان الوحدة العرفية كما ان المراد بالمطر ما يقصد به عنوان
الغيث و هو الهطول الغزير دون ما لو كان على نحو القطرات فان ذلك
يناسبه الغسل الترتيبي دون الارتماسي.
(مسألة 10) يجوز العدول عن الترتيبي الى الارتماسي فى
الاثناء و بالعكس لكن بمعنى رفع اليد عنه و الاستيناف على النحو
الآخر(1).(1)
بما ان الارتماسي يقع على نحو الامر البدلي عن الغسل الترتيبي و انه
أفضل من الارتماسي بما مرّ بيانه. ولكن هذا لا يجعل الانتقال و العدول
من الترتيبي الى الارتماسي غير جائز. فاذا قدر انه قام بغسل رأسه
ابتداء على نحو الغسل الترتيبي فعدل الى الارتماسي للاقتصار فى الوقت
او نحوه فارتمس يشمله قوله عليهالسلام: اذا ارتمس فى الماء
ارتماسة واحدة اجزأه ذلك. ولكن هذا مبنى على صدق ارجاع الترتيبي الى
الارتماسي في حال كون الانتقال الى الارتماسي أيضاً بما يؤخذ فيه على
نحو الامر التدريجي.
و اما على المختار من اخذه على نحو الامر الدفعي فلابد
ان يقال بالغاء الغسل الترتيبي رأساً و الابتداء بالارتماس و هو لا
يخلو من اشكال و لا سيما على القول بالاختلاف فى الحقيقة فيما بينهما
دون النظر الى جهة الافضلية لكون نظر الشارع يريد تمامية اتيان المتمثل
به ما لم يكن الشروع بالثاني اخذ على نحو الادلة الثانوية كضيق الوقت و
نحوه.
ثم ان عنوان المطهرية بما انه امر انتزاعي لصدق موضوع
الترتيبي فيما بين الاعضاء من غير فرق بين اخذه على نحو الاجزاء لكل
واحد من الاعضاء او بنحو ان كل عضو اخذ على نحو الواجب المشروط لغسل
بقية الاعضاء بنحو الشرط المتأخر او كان اللحاظ فى الترتيبي بنحو مجموع
الاعضاء فان كل ذلك ينظر اليها على نحو الامر الانتزاعي لتلك الافعال
الغسلية و ان منشأ الانتزاع اخذ على نحو الطرق الكاشفه عنه و ان اختلفت
مناهجه.
(مسألة 11) اذا كان حوض اقل من الكريجوز الاغتسال فيه
بالارتماس مع طهارة البدن لكن بعده يكون من المستعمل في رفع الحدث
الاكبر فبناء على الاشكال فيه يشكل الوضوء و الغسل منه بعد ذلك و كذا
اذا قام فيه و اغتسل بنحو الترتيب بحيث رجع ماء الغسل فيه(1).
(1) لأنّ الميزان بحسب المفهوم العام لكلي الارتماس بما
يحقق مفهوم التغطية و الاحاطة فى الماء و هذا لا يفرق الحال بين ما كان
الماء بمقدار الكر او اقل ولكن الثمرة لو كان الاغتسال فيه باقل من
الكر فيترتب عليه عدم جواز استعماله في رفع الحدث الاكبر او الاصغر كما
ورد في رواية ابن سنان من ان الماء الذي يغسل به الثوب او يغتسل به
الرجل من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ منه و اشباهه.
فعليه ربما يدعى بعدم تمامية الاغتسال بالماء القليل لكون الجنب
محكوماً بالنجاسة الحكمية كما هو نظير نجاسة ماء البئر باغتسال الجنب
او بما انه مستعمل في رفع الحدث الاكبر على مبنى القول بعدم جواز
استعماله فى الوضوء و الغسل.
الا انه يرد عليه بعدم تمامية انفعال الماء القليل
بالنسبة الى النجاسة الحكمية كما انه لا مانع من استعماله لرفع الحدث
الاكبر و كذا في رفع الوضوء و عليه يجوز الاغتسال بالماء القليل
ارتماساً مع فرض طهارة الجسد قبل ذلك و ما ذكر بان الشيخ قدسسره
فى التهذيب لو تنجس الماء بملاقاته مع الجنب لعله يقصد به فى حال حصول
النجاسة الخبثية دون النجاسة الحديثة و هو لا يخلو من وجه خلافاً لما
استظهره السيد الاستاد قدسسره من موثقة ابن سنان.
و اما اذا كان كراً او ازيد فليس كذلك نعم لا يبعد صدق المستعمل عليه
اذا كان بقدر الكر لا أزيد و اغتسل فيه مراراً عديدة لكن الاقوى كما
مرّ جواز الاغتسال و الوضوء من المستعمل.
هذا
مع انه لا فرق فى استعمال الماء الرافع للحدث بين ورود الجنب عليه او
ورود الماء على بدن الجنب مع فرض انفصاله عنه كما ان المراد من قول
الماتن قدسسره. و اما اذا كان كراً او ازيد الخ لا يراد به في
حال استعمال الكر يوجب منقصة بل يبقى على حاله و لذا اكده بقوله: و
اغتسل فيه مراراً يراد به حالة الاحتفاظ بالكرية من حيث اعلام الانفعال
و انه لا يقل عن حجم المائية من حيث وزنه بناءً على ارجاع مساحة الكر
الى الوزن لكونه اضبظ و ان تكرر استعماله فانه باق على رفع حدثيته لما
ورد في قوله عليهالسلام : اذا كان قد كرّ لم ينجسه شيء.
و عليه يفرق بين استعماله لرفع الحدث و بين كونه مستعملاً في رفعه
للحدث عند تكرار استعماله فى الرفع فان الأوّل فيه جانب الاقتضاء
للرافعية و فى الثانية فيه جانب المانعية لاندراجه فى الماء المستعمل.
(مسألة 12) يشترط في صحة الغسل ما مرّ من الشرائط فى
الوضوء(1)،
(1)
حيث تعرضنا الى شرائط الوضوء
التي منها اعتبار النية فى الوضوء مع شرط استدامتها اما بنحو الاخطار
او الداعي كما عليه المختار. و هذا ما عليه الادلّة الروائية لأنّ
الغسل من الامور العبادية فلابد ان تقرن بالنيّة و قد اوضحنا مفاد
النيّة تارة بالنظر الى المعنى اللغوى و يراد بها القصد الى فعل المنوي
و اما تفسير النية بمعنى ارادة الشيء و العزم عليه كما عليه فى الصحاح
و فى المجمع بمعنى القصد و العزم على وجود الفعل و على أي حال فان
الرجوع الى التفسير اللغوي لا يعطى بيان التحديد انما هو لحقيقة النية
و انما هو من نوع التفسير اللفظي او ما يصطلح عليه بالتفسير القاموسي و
قد تعرضنا ذلك مفصلاً في كتابنا عناصر العلوم، فراجع.
و قد تعرض المحقق الآملي قدسسره الى ان النية
المعتبرة فى العبادات قائمة على أمرين يصعب تحققهما غالباً من جهة
صعوبة حصول ركنيها:
الاول: ان يكون قصداً لفاعل و ارادته متعلقاً بما تعلق
به ارادة الآمر فيكون في ارادته مطاوعاً لارادته و تابعاً لها بحيث
يكون شيء واحد بما له من الاجزاء و القيود الوجودية و العددية متعلقاً
للارادتين بلا اختلاف في متعلقهما.
و الثاني: ان يكون الفاعل فى ارادته منبعثاً عن ارادة
الآمر بحيث لا يكون باعث فى ارادته ارادة الآمر، سواء كان باعثية ارادة
الامر لمكان كونها ارادته و انه مما ينبغي ان يطاع في ارادته او لاجل
الوصول الى ما يترتب الى موافقته او لاجل الفرار عما يترتب الى مخالفته
او غير ذلك بعد انخفاط كون الانبعاث عن باعثية
.........................
ارادة الامر اذ العبد تارة ينعبث عن مشاهدة ارادة المولى محضاً، و اخرى
عما في مرتبة علل ارادته من ملاك متعلق ارادة المولى و علمه و عزمه و
شوقه و غير ذلك من الامور الواقعة في سلسلة ارادة المولى.
و ثالثة: عما فى رتبة معلول ارادته من الثواب المترتب
على موافقة ارادته و العقاب المترتب على مخالفتها من ارادته و العقاب
المترتب على مخالفتها من الدنيويين فضلاً عن الاخرويين و فى الصورة
الثلاثة يكون انبعاث الفاعل عن ارادة الآمر الا ان ارادته تنبعث تارة
بنفسها و اخرى بعللها و ثالثة بمعاليلها و الجامع بينها هو كون الفاعل
مريداً لما اراده للآمر لاجل انه ارادة لا لباعث آخر.
و الملاحظ لدينا في ما تعرض اليه المحقق الآملي قدسسره و لا
يخفى ان ما يتحرك العبد من اجله اما ان يكون منقدحاً من ارادة المولى
على نحو الامر الظلي التبعي و انه ليس الا ارادته و انما اوجب في تحركه
حركة الارادية نحو العمل فيكون قصده اخذ على نحو الوجود التبعي دون
الامر الاستقلالي ففاعلية العبد و ان اوجد عملاً الا انه منجعل بارادة
المولى على نحو الجهة الظلية الفنائية فاذا كان نوع العمل وصل الى
مرحلة الامثل الذي يتحرك بارادة الغير كما يصطلح علية فى العصر الحديث
بالرجل الآلي فالارادة من قبل الموجة فى الحركة دون فاعل الحركة فيكون
الاستناد اليه دون الصادر منه و هذا فى الحقيقة لا يمكن ان نطلق عليه
بتوجه ارادتين نحو الفعل و اما اذا كان الفعل الذي حدث منه ارادة
الفاعل على نحو الارادة التبعيّة نظير تبعية الزوجه لزوجها فى السفر و
الحضر و العبد لمولاه
.........................
فتكون لهما ارادة مستقلة في ناحية انجاز العمل ولكن بعين ذلك ارادتهما
اخذت على نحو التبعية للزوج و للمولى بالقياس الى الزوجة لزوجها و
العبد لمولاةً الا ان فى الحقيقة اما من نوع توارد ارادتين على موضوع
واحد و اما ان يكون المحل المرفوع استناداً لارادة اليه على نحو
المباشر دون السبب.
و عليه تكون منا فشتنا مع المحقق الآملي قدسسره
الارادة الفاعلية او الارادة الفعلية فانه على المصطلح الأوّل ان
المراد بالارادة الفاعليه الّتي يحدثها العبد في ظرف الامتثال و الطاعة
و اما على المصطلح الثاني فان المراد بالارادة الفعلية و هي التي تنبعث
من قبل المولى في ناحية الارادة التشريعية مأخوذة على نحو القانون لكلي
المكلفين فارادة العبد تكون على نحو الارادة الامتثالية و الجهة
التطبقية لمراد المولى في ناحية العمل و لم تكن نفس الارادة حتى يقال
يتوارد ارادتين على شيء واحد لا بينهما من الجهة الطولية او لا و
للاختلاف السنخي بين الارادتين ثانياً.
هذا مع ان دواعي العبد الى مولاه تارة على نحو الاهلية
و اخرى للخوف من عقابه و ثالثة لنيل الثواب من مكارمه و عطاياه و هو ما
يصطلح عليه بعبادة التجار دون عبادة العبيد و اما عبادة الاحرار فهم
العارفون باللّه فاطلاق الداعي على الارادة من نوع اطلاق المبادي على
النتيجة كما ان مشاهدة العبد الى مولاه في توجيهه نحو العمل و احساسه
مباشرة منه او لما يدرك من وجود الملاك و المصلحة المتعلقة لارادته و
حدوث العلم و العزم و الشوق فى التحرك نحو العمل او يكون الانبعاث بسبب
الثواب او العقاب و من خلال هذه الصور الثلاثة يتولد الفعل الارادي من
قبل الفاعل و هذا من نوع الخلط بين المقدمات و النتائج في ناحية
الاطلاق على
من النية
و استدامتها الى الفراغ(1)
الارادة
كما ثبت الفرق بين الداعي و ذات الارادة و عليه كيف يحصل انبعاث مع
اختلاف الارادة المنقدحة من ارادة المولى على نحو التشريع او الارادة
المنقدحة من معرفة الملاك او الارادة المتحركة عن طريق الثواب و العقاب
فان كل واحد لها آثارها و خواصها فلا تكون ارادة واحدة بعد فرض
الاختلاف من حيث الدواعي و المقدمات و الآثار.
(1) قد تعرضنا في بحث نية الوضوء ان يكون لوجود النية
حالة من الثبات فيما بين المبدأ و المنتهى و انها مبنية على نظرية
الانطباق او التطبيق فان اخذت النية على نحو الجهة الكلية بين النية و
المنوي يكون من نوع الانطباق و ان اخذت بنحو انطباق كلي النية على
موضوع المنوي الخاص يكون بنحو التطبيق و ان وجودها اخذ على نحو البساطة
دون التركيب.
و قد فسرت الاستدامة بان لا يقصد الخلاف في اثناء وجود النية او لا يرد
عليها النقض فان مثل هذه التعاريف راجعة الى التفسير باللوازم و ليس في
بيان ماهية الاستمرارية. و المهم ان الارادة غير قابلة للتجزءة و انما
هي وجود واحد فاذا كان هناك غرض واحد تكون الارادة واحدة و اذا تعدد
الغرض كانت متعددة فاذا قام الجنب بغسل اعضائه فالفرض من المجموع هو
الحصول على الطهارة الغسلية دون النظر الى التشخيص في ناحية الاعضاء و
ان كانت هناك ارادة لغسل الرأس و ارادة غسل المنكب الايمن و ارادة لغسل
المنكب الايسر ولكن فى الحقيقة ان جميع الاعضاء الثلاثة راجعه الى غرض
واحد يتعقبها ارادة واحدة من غير ان تكون
و اطلاق
الماء(3)
هناك
ارادات متعددة على نحو الجهة الاستقلالية و انما هي ارادة واحدة مستمرة
للابتداء من أوّل الرأس و الانتهاء عند تمامية غسل المنكب الايسر و هذا
ما يحقق كلى الارادة الواحدة المنطوية تحت مظلة غرض واحد في ناحية
الاستعمال الخارجي حيث نفرق بين عنوان الغرض و عنوان الغايه كما ذكرنا
في محله بان الغرض موطنه الاستعمال الخارجي و الغاية موطنها الوجود
التصوري و الامر الذهني فالقول باستمرارية النية يؤكد القول بالداعوية
دون الجهة الاخطارية و لا يراد به استحضار الارادة على نحو الجهة
التفصيلية.
هذا مع انه اشرنا الى ان استمرارية النية على نحو
الاستدامة الحكمية و الحقيقة معاً و ان كان هناك عدة تصورات في ناحية
الفصل بين الارادة في استدامة النية الحكمية او الحقيقية و كلاهما و
المختار لدينا هو الاخير.
و عليه فتكون الارادة من الامور الواقعية بحسب ذاتها و ان اختلفت بلحاظ
الاضافة فقد تكون واقعية ماهوية و قد تكون مقولية و قد تكون اعتبارية
جعلية و تحديدها يختلف بلحاظ الموارد.
(1) و ذلك لما يقابل الماء المضاف فانه لا يزيل الحدث و
لا الخبث على الاختلاف في حقيقة الاضافة قد يكون معتصراً او ممتزجاً و
ان كان المحكي عن الصدوق قدسسره جواز الوضوء و غسل الجنابة بماء
الورد (بالفتح) و ان احتمل ان يكون ماء الورد (بالكسر) و هذا ما اشرنا
اليه في محله و ما ورد في جواز الوضوء بماء الورد في مثل خبر يونس عن
أبي الحسن عليهالسلام و فيه قلت له: الرجل يغتسل بماء
و
طهارته(1) و عدم كونه ماء الغسالة(2)
الورد
و يتوضأ به للصلاة، قال عليهالسلام : لا بأس بذلك. فإنه إما
مجهول على الورد (بالكسر) او انه معرض عنه من قبل الاصحاب.
(1) و من جملة الشروط أيضاً طهارة الماء و هذا ما يدل
عليه صحيحة حريز: اذا تغير الماء و تغيّر الطعم فلا تتوضأ منه. و كذا
في صحيحة البقباق الناهية عن فضلة الكلب فقال عليهالسلام : رجس
نجس لا تتوضأ بفضله.
و ما ورد في التفسير النعمائي عن علي عليهالسلام
قال: و اما الرخصة التي هي الاطلاق بعد النهي فان اللّه تعالى فرض
الوضوء على عباده بالماء الطاهر و كذلك الغسل من الجنابة و يكون اشتراط
الطهارة على نحو الشرط الواقعي دون الشرط العلمي من غير فرق بين بطلان
الوضوء و الغسل بالماء النجس سواء كان عن علم ام جهل كما لا يفرق أيضاً
بين الجهل بالموضوع او الحكم و اما فى حال اجتماع العلم مع الجهل فى
الافعال المحرمة يكون من نوع البناء على جواز اجتماع الامر و النهى و
عدمه و المختار جواز اجتماع الامر و النهى للابتناء على الحيثية
التقييدية دون الحيثية التعليلية.
(2) و قد اشرنا بان ماء الغسالة تقوم الاختلاف فى
المباني فيمن يرى طهارتها او نجاستها و ان كان المحكي عن المعتبر و
المنتهى الاجماع على ان ما تزال به النجاسة مطلقاً لا يجوز رفع الحدث
به و استدل له برواية عبداللّه بن سنان عن الصادق عليهالسلام
قال: لا بأس بان يتوضأ المستعمل. و قال عليهالسلام : الماء الذي
يغسل به الثوب او يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ به و
اشباه و اما الماء الذي يغسل به الثوب او يغتسل به الرجل من الجنابة لا
يجوز ان يتوضأ و اشباهه و اما الماء الذي يتوضأ به الرجل فيغسل به وجهه
و يده في شيء نظيف فلا بأس
و عدم
الضرر فى استعماله(1)
ان
يأخذه و يتوضأ به.
و هي ظاهرة
في عدم جواز الوضوء بالماء المستعمل في غسل الثوب و اما تسرية المنع
الى رفع الحدث الاكبر الا عن طريق وحدة الملاك و هذا محتاج الى الدليل
او القول بالاجماع المركب و هو من نوع اجماع المنقول و المهم ان البحث
حول ماء الغسالة قد مرّ بيانه مفصلاً فلا نعيد.
(1) لكون الغسل قائماً على الفعل الاختياري بما يكون
مستوفى لجمع اجزاء الفعل من غير نقصان فيه و ذلك من حيث العنوان الاولي
فاذا قدر حصول جرح او قرح او كان مما يخاف على نفسه من البرد و نحوها
فينتقل الحكم من العنوان الاولي الى العنوان الثانوي و ذلك لحصول الضرر
في جسمه و عندئذ ينتقل الى التيمم لانه بدل اضطراري وافٍ بتمام المصلحة
الوضوئية او الغسليّة و هذا ما يدل عليه صحيحة ابن سرحان عن الصادق
عليهالسلام فى الرجل تصيبه الجنابة و به جرح او قرح يخاف على نفسه من
البرد فقال عليهالسلام لا يغتسل و يتيمم.
و كذا ما ورد في صحيحة محمّد بن مسلم عن الرجل اجنب فى
السفر و لم يجد الا الثلج او ماء جامداً، فقال عليهالسلام : هو
بمنزلة الضرر يتيمم و أيضاً ورد في صحيحة الحلبي عن الصادق
عليهالسلام : الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش
أيغتسل به او يتيمم، قال عليهالسلام : بل يتيمم. و كذلك في
صحيحة البزنطي عن الرضا عليهالسلام في رجل يصيبه الجنابة و به
قروح او جروح او يكون يخاف على نفسه البرد، فقال عليهالسلام :
لا يغتسل و يتيمم. الى غير ذلك من الروايات
و اباحته
و اباحة ظرفه(1) و عدم كونه من الذهب و الفضة(2)
الدالة
على الاكتفاء بالتيمم عن الوضوء في صورة الامر الاضطراري بعد الانتقال
عن الحكم الاولي.
(1) بما ان اباحة الماء شرط واقعي فلو قدر اغتساله بماء
غصبي يكون باطلاً و ان كان البناء على جواز اجتماع الامر و النهي لعدم
صحة التقرب بذلك الماء الغصبي للبعد بينه و بين معين اللّه في مقام
الطاعة و اما على القول بالامتناع فلوحدة الجهة لارجاع التصرف الوضوئي
او الغسلي في وحدة موضوع الماء الغصبي الذي نهي عن التصرف به و عندئذ
لا مجال للتقرب به للّه.
و اما بالنسبة الى الظرف فقد اشرنا في مبحث الوضوء الى
انه اوجب وحدة الظرف و المظروف بنحو الصدق الآني في عنوان الغصبية
فيوجب البطلان و اما اذا لم يوجب الوحدة و كان من نوع الاختلاف في
ناحية الحيثية و التعدد فى الجهة و الاضافة فلا يوجب البطلان.
(2) لما استدل على الحرمة قول أبي الحسن
عليهالسلام في خبر موسى بن بكر آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا
يوقنون. فبناء على ان الاستعمال فيهما يوجب عدم التقرب فيكون الغسل
فيهما موجباً للبطلان بخلاف من لا يرى ذلك للاختلاف الجهتي فلا يرى
البطلان كما هو الحال فى المصب (بالفتح) الغصبي و المصب الذهبي او
الفضي بالقياس الى المصب عليه فانها تختلف بين ما وقع على العضو و بين
المجرى كما فى الميزاب الغصبي او الذهبي بالنظر الى المصب عليه دون ذات
المصب.
و اباحة مكان الغسل(1)، و مصب مائه(2)
(1)
على اختلاف في تعريف المكان تارة بما يكون قابلاً لانشغال الحيّز فيه و
اخرى ما كان قابلاً للكينونة و المحل و ثالثة ما احتوى على السطح
المقعر الذي يكون مجمعاً بين الحاوي و المحوي و هو ما عليه رأى
المشائين و رابعة بمعنى ما يحتوى على الفضاء المحيط على وجود الشيء و
المهم انه كما اشرنا بناء القول بعدم صحة الوضوء او الغسل على المكان
الغصبي اذا اوجب وحدة حقيقية دون ما لو كان الاختلاف بينهما بما يوجب
تعدد الحيثية فانه لا يوجب البطلان لاختلاف الجهة و الارجاع الى
الحيثية التقييدية الذي مرجعها الى تعدد الوجود كما ان الكلام في اصل
موضوع الفضاء على الاختلاف في ملكيته للآخرين و القول بتملكه الا ان
نقول بالارجاع العرفي الى ما ينطوي تحت عنوان حريم المنزل على نحو
الجهات الاربع و الابعاد الثلاثة من حيث الطول و العرض و العمق فامتلاك
الجهات الاربع بما يرجع الى قرب المحل بما يكون متعارفاً دون ما خرج عن
الحد المتعارف و كذا بالنظر الى الابعاد الثلاث لما يقترب من مساحة
المكان بالقياس الى المالك بنحو الحريم دون ما خرج عن الحد المتعارف
منه و اما ما خرج عن الحريم فلا يكون مملوكاً.
(2) و اما الكلام بالنسبة الى المصبّ فقد اشرنا اليه
بجواز الوضوء منه في حال خروجه عن المجرى و صب الماء على المحل الوضوئي
او الغسلي لعدم صدق الغصب في ذلك الآن و ان كان حين مجرى الماء كان فى
الطريق الى المحل الذي يصب عليه ما لم نقل بوحدة الحركة بين مجرى
الطريق و المصبّ و بين المصبّ عليه فيوجب البطلان.
و طهارة البدن(1) و عدم ضيق الوقت(2)
(1)
و ما اشار اليه الماتن قدسسره من اعتبار شرطية طهارة البدن و قد
تناولنا البحث في مظانه فلا نعيده.
(2) لا يخلو عدم الضيق فى الوقت اما لقصور الزمن فى
الحصول على الاتيان بالماء كاستغراق الوقت من أوّل الفجر الى طلوع
الشمس فى الفحص عن وجوده او انه موجود ولكن قطع المسافة يوجب انقضاء
الوقت و عليه ينتقل حكمه الى التيمم و اما لجهة عدم استيفاء الاستعمال
لتمام الوقت كما لو جلس متأخراً و هو في حال الجنابة و اراد الغسل
فاستعمال الغسل يوجب انقضاء الوقت فان كان الوقت ضيقاً من غير ان يكون
هو السبب في قصر الزمن كالتسويف فى الوقت حتى اصبح الوقت ضيقاً
فالمشهور ذهبوا الى وجوب التيمم و القيام بعد ذلك باتيان الصلاة كما هو
الوارد في صحيح زرارة عن احدهما عليهالسلام و فيه: اذا لم يجد
المسافر الماء فيطلب مادام فى الوقت و اذا خاف انه يفوته الوقت فليتيمم
و ليصل.
و اما فى حال التسويف فى الوقت و كان عن اختياره فى
التأخير فالمشهور يرون الحكم عليه بالتيمم و القيام بالصلاة كما فى
التصوير الأوّل و حيث ان طلب الوصول الى الماء امر طريقي فاذا قدر عدم
الوصول الى الماء بأي سبب كان سواء كان بامر اختياري ام بغيره فانه يجب
عليه التيمم.
و ما ذهب اليه فى النهاية و المبسوط و الخلاف و السرائر
و النافع و الدروس من وجوب القضاء بالطهارة المائية في حال خروج الوقت
لاشتراط التيمم بالطلب و انتفاء المشروط عند عدم شرطه و ان كان اتجاه
الذكرى و جامع المقاصد و المسالك الى التفصيل بين وجود الماء فى محل
الطلب و عدمه بوجوب القضاء في الاول دون الثاني كما انه ورد فى القواعد
التفصيل بين وجوده في رحله او مع
.........................
اصحابه و عدمه بوجوب القضاء فى الأوّل دون الاخير لعدم
صدق الفاقد فيما اذا وجد الماء فى محل الطلب او في رحله او عند اصحابه
بخلاف ما اذا لم يكن كذلك.
و على اي حال فالميزان بما عليه مسلك المشهور لأنّ موضوع الاشتراط تحقق
الطلب في حال القدرة عليه و عند عدم القدرة فلا مجال لصدق الطلب عليه
كما انه في حال التعجيز من قبله يوجب عدم القدرة على اتيان الماء فيصبح
بعد ذلك من مصاديق الفاقد لموضوع الماء و ان كان ذلك بسبب اختياره فان
العمل و ان كان صحيحاً من حيث اصل موضوعه ولكن بناء على فعل التجري
يكون آثماً و اما على مسلكنا لا اثم عليه لانه جاء بالفعل البدلي و هو
التيمم و هو وافٍ بتمام المصلحة.
او يقال بالجمع بين الصلاة مع التيمم فى الوقت و قضائها
خارج الوقت بمقتضى الاحتياط للدوران بين اطراف العلم الاجمالي.
و اما في حال ضيق الوقت بسبب استعمال الماء فى الوضوء
او الغسل فمع عدم القصور فلا اشكال بوجوب التيمم كما لو ضاق الوقت على
الحائض لعدم قدرتها على المسارعة الى الغسل فذهب المشهور الى وجوب
التيمم مع القيام بالصلاة و اما في حال القصور فالحكم عليه بوجب التيمم
و الصلاة معه و لا يجب عليه القضاء بعد ذلك لما ثبت من عموم ادلة تنزيل
التراب منزلة الماء الا انه نسب في محكي الرياض الى الاشهر او عدم
مشروعية التيمم له بل الواجب عليه
و الترتيب
فى الترتيبي(1) و عدم حرمة الارتماسي فى الارتماسي(2) منه كيوم الصوم و
في حال الاحرام و المباشرة في حال الاختيار(3)،
الصلاة في خارج الوقت مع المائية كما عن المعتبر و
المدارك و الكشف قولان اقواهما الأوّل لعمومات الادلة التنزيلية و هذا
ما عليه المحقق الآملي قدس سره أيضاً.
(1) اشار الماتن قدسسره الى الترتيب فى الترتيبي و قد تعرضنا
اليه في ناحية كيفيته.
(2) كما اشار الماتن قدسسره في قوله و عدم حرمة
الارتماس فى الارتماسي منه كيوم الصوم و في حال الاحرام. و هذا ما
اشرنا اليه بان الارتماس يكون محرماً اذا كان في شهر رمضان او في حال
الاحرام أيضاً فانه على الأوّل لم يوجب الافطار و انما محكوم عليه
بالحرمة التكليفية.
(3) بمقتضى الاصل الاولي المباشرة فى العمل سواء كان فى الامر التعبدي
او التوصلي ما لم يثبت دليل خارجي بالاستنابة فى العمل من طرف الغير و
الا فالقاعدة الاولية عدم جواز استعمال المكلف الا باتيان العمل من
قبله و لا يجزي من قبل الغير و اما ما ورد الدليل عليه كما في صحيح
سليمان بن خالد و غيره عن الصادق عليهالسلام انه كان وجعاً شديد
الوجع فاصابته جنابة و هو في مكان بارد قال عليهالسلام : فدعوت
الغلمة فقلت لهم احملوني فاغسلوني فحملوني و وضعوني على خشبات ثم صبوا
علىّ الماء فغسلوني.
.........................
و اما ما ورد في صحيح محمّد بن مسلم حيث انه اضطر
عليهالسلام الى الغسل و هو مريض فاتوا به مسخنا فاغتسل و قال
عليهالسلام : «لابد من الغسل» و عندئذ تقع المعارضة بين هذه الصحيحة و
بين صحيحة سليمان بن خالد بالاضافة الى ان القاعدة في خصوص ما ورد في
صحيحة سليمان بن خالد انه مع الوجع الشديد لابد من التيمم و عليه فكيف
يتم القول اولاً بالمعارضة بين الصحيحين و ثانياً كيف يتم القول في
خصوص صحيحة سليمان لمخالفته للرجوع الى التيمم.
و الجواب اما بالحمل على الاجناب المتعمد و عليه يوجب
الغسل ولو بغير المباشرة ولكن هذا مما لا يناسب مقامهم
عليهمالسلام او ان النظر الى الوجع الشديد بالنظر الى مقامهم العالي
عليهالسلام لا يرون ذلك من مصاديق الحكم الاضطراري اذ كما يقال ليس كل
وجع شديد ينتقل فيه الى الحكم بالتيمم و انما له مراتب و اشده الوصول
الى عدم القدرة على استعمال الماء.
و اما بالنسبة الى ما بين الصحيحتين فيمكن ان يتصور بان
مقام صحيحة سليمان بن خالد بنحو يكون الوجع الشديد الذي لا ينافيه
الغسل بالماء الا ان الحركة الغسلية من قبله كانت متعسرة فاراد
الاستعانة بالغلمة و اما بالنسبة على صحيحة محمد بن مسلم كان في بيان
اصل الحكم في وجوب الغسل مع قدرته الى الاغتسال لعدم وصوله الى حالة
عدم القدرة على استعمال الماء و عليه يكون بالنسبة الى صحيحة سليمان
بالنسبة الى بيان المانع من عدم القدرة على مباشرة الماء بيده بنحو
الفصل الترتيبي ولكن له القدرة على استعمال الماء و بذلك يكون نقطة
اجتماع بين الصحيحتين و هو حصول القدرة على استعمال الماء.
و ما عدا الاباحة و عدم كون الظرف من الذهب و الفضية و عدم حرمة
الارتماس من الشرائط واقعي لا فرق فيها بين العمل و العلم(1).
(1)
اشار الماتن قدسسره الى ان مثل هذه الشروط بنحو الامر الواقعي
دون الشرط العلمي و لذا لا يفرق الحال فيها بين العلم و الجهل و
النسيان فاذا جاء بها على خلاف ما هو المأمور به يكون موجباً بطلان
عمله و اما الشرط العلمي و يتحدد في صورة اجتماع مورد النهي مع مورد
الامر فيما ان النهي في ظرف منجزيته يوجب الامتناع عن العمل بمتعلق
الامر بغض النظر عن الارجاع الى ملاك الامر و عندئذ يكون بالنسبة الى
النهي يحمل عنوان المبغوضية مع فرض بقاء ملاك الامر و اما في ظرف عدم
علية النهي و توجهه نحو الامر بنحو الناظرية فلا يضر في ناحية التقرب
بمتعلق الامر لما يحمل من الملاك في نفسه و عليه تكون الاناطة في ناحية
الشرط العلمي النظر الى جهة ما يتعلق به الامر و النهي في ما يرتبط
بدور العلم كمن دخل الدار المغصوبة متعمداً بسوء اختياره فبناء على
المختار من صحة العبادة يكون آثماً و اما بناء على مفسدية العبادة بما
ان النهي ينافي جهة التقرب فيوجب فساد الصلاة هذا بالنسبة الى صورة
العلم و الدخول متعمداً.
و اما في حال الجهل و عدم العلم تكون الصلاة صحيحة فان
مجرد الدخول فى الارض المغصوبة لا يوجب فساد الصلاة على كل حال و انما
مشروطة بالعلم دون الجهل.
و بذلك فيمكن ان تجري هذه المبانى في حال الشرط العلمي
بالنسبة الى الاباحة و الظرف من الذهب و الفضة و الارتماس فى الماء
فانها من الشروط العلمية و ما عدا ذلك تكون من الشروط الواقعية.
........................
او يكون الملاك بالرجوع الى نظرية الارجاع فان اخذت هذه
الثلاثة بالارجاع الى عنوان اجتماع الامر و النهي تكون شروطاً علمية و
ان لم تبتنى على مسألة الاجتماع تكون شروط واقعية.
او ان الميزان ليس بمقياس الارجاع الى مسألة الاجتماع و
انما النظر الى واقعية متعلق الامر و النهى بما هما هل مؤداهما الامر و
النهي ام لا و عليه لا مجال للارجاع و ان ذكرنا موارد الذهب و الفضة و
نحوهما بالارجاع الى الشرط الواقعي ولكن الحق ارجاعهما الى الشرط
العلمي بملاك المتعلق فى الامر و النهي و ليس لملاك نظرية الارجاع الى
اجتماع الامر و النهي فتأمل.
»
الوسائل، باب 1، ح 38، مقدمة العبادات.
»
الوسائل، باب 6، ابواب الجنابة، ح 2 ـ 5
»
الوسائل، باب 6، ابواب الجنابة.
»
التنقيح، ج 6، ص 349 ـ 352
»
الوسائل، باب 1، مقدمه العبادات، ح 38
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 180
»
الوسائل، باب 11، من ابواب الوضوء، ح 3
»
الوسائل، باب 14، ابواب غسل الميت، ح 2
»
الوسائل، باب 1، من ابواب الجنابة، ح 14
»
الوسائل، باب 2، من ابواب الجنابة، ح 1
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 186
»
كفاية الاصول، ص 368 ـ 369
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 5
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 16
»
الوسائل، باب 30، ابواب الجنابة، ح 1
»
الوافى، ج 6، ص 510 / 4812
»
مجمع البحرين، ج 2، ص 106
»
الوسائل، باب 30، ابواب الجنابة، ح 2
»
الوسائل، باب 30، ابواب الجنابة، ح 3
»
الوسائل، باب 24، ابواب الجنابة، ح 6
»
الوسائل، باب 24، ابواب الجنابة، ح 7
»
الوسائل، باب 24، ابواب الجنابة، ح 8
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 5 / 12
»
الوسائل، باب 29، ابواب الوضوء، ح 6 ـ 9 ـ 10 ـ 11
»
الوسائل، باب 24، ابواب الجنابة، ح 5 ـ 6 ـ 7 ـ 8
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 6
»
الوسائل، باب الوضوء، ح 3
»
الوسائل، باب 31، ابواب الجنابة، ح 3
»
الوسائل، باب 38، ابواب الجنابة، ح 1
»
الوسائل، باب 46، ابواب الوضوء، ح 2 ـ 3
»
مجمع الفوائد و البرهان، ح 1، ص 137
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 2
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 4
»
الوسائل، باب 31،
ابواب الجنابة، ح 4 و كذا فى ابواب الحيض باب 20، ح 2
»
مستدرك الوسائل، ابواب الجنابة، باب 29، ح 3 و فيه ... فبلغ
الماء فى اصول الشعر كلها.
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 1
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 2
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 8
»
الوسائل، باب 28، ابواب الجنابة، ح 1
»
الوسائل، باب 28، ابواب الجنابة، ح 3
»
الوسائل، باب 29، ابواب الجنابة، ح 2
»
الوسائل، باب 28، ابواب الجنابة، ح 1
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 8
»
الوسائل، باب ابواب الجنابة.
»
الوسائل، باب ابواب الجنابة.
»
الوسائل، باب ابواب الجنابة.
»
الوسائل، باب 28، ابواب الجنابة، ح 4
»
اى وجدتها خفيفة كناية عن الميل اليها و الى معاشرتها و تمكنها
له ع.
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 2
»
نقلاً عن التنقيح، ج 6، ص 374
»
الذخيرة، ص 56، السطر 18
»
التنقيح، ج 6، ص 374 ـ 375
»
مصباح الفقيه، طبع الحجريه.
»
التنقيح، ج 6، ص 375 ـ 376
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة.
»
مصباح الهدى، ج 6، ص 213
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ج 2
»
الوسائل، باب 29، ابواب الجنابة، ح 2
»
الوسائل، باب 29، ابواب الجنابة، ح 7
»
الوسائل، باب 29، ابواب الجنابة، ح 3
»
التنقيح، ج 6، ص 384 ـ 385
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 13
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 12
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 5
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 2
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 225
»
الوسائل، باب 42، ابواب الجنابة، ح 2
»
الوسائل، باب 42، ابواب الوضوء ح 1، كما ان ذيلها باب 41،
ابواب الجنابة ح 2
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 5
»
الوسائل، باب 1، ابواب الجنابة، ح 5
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 231
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 236
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 238 ـ 239
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة.
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة.
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 424
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 5
»
الوسائل، باب 26، ابواب الخلوه.
»
الوسائل، باب الماء المطلق، ح 1
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة.
»
قرب الاسناد، ص 181، ح 668 ـ مسائل على بن جعفر 183 / 355
»
الوسائل، باب 26، ابواب الجنابة، ح 14
»
الوسائل، باب 9، ابواب المضاف و المستعمل، ح 13
»
الوسائل، باب 9، الماء المطلق، ح 5
»
مدرك العروة، ج 8، ص 181
»
مصباح الهدى، ج 4، ص 259 ـ 260
»
مدرك العروة، ج 8، ص 315
»
نقلاً عن مصباح الهدى، ج 4، ص 269
»
اشرنا الى الحرمة في كتابنا منهاج الصالحين، ج 1
|