معدولة الموضوع والحمول حرر المناطقة بحث القضية السالبة ربما تتوجه الى ذات الموضوع كما في المثال ليس محمد في الدار وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل. وتسمى بمعدولة الموضوع بأن يكون السلب جزءاً من الموضوع. أما إذا توجه السلب على ذات المحمول كما في قولك محمد ليس جالساً وعلي ليس شاعراً حيث توحه السلب على ذات المحمول دون الموضوع وتسمى معدولة المحمول. والمراد بالعدول هو أن يأخذ الموضوع أو المحمول إتجاهه المعاكس الى ناخية السلب بعدما كان متجهاً الي ناحية الإيجاب لانه في طبيعته الأولية ثابتاً في الإيجاب فإنعكس الى ناحية السلب فالعدول عبارة عن تغيير الإتجاه الطبيعي الى خط معاكس . وتجد الإتجاه المنطقي متعرضاً الى جهة الفرق بين المحصلة والمعدولة أن المحصلة مايدل على وجود الموضوع كوجود الإنسان أو جود صفة كالعلم والخالق والكريم، والمحصلة أعم من وجود الموضوع والمحمول إيجابياً كان أم سلبياً والمعدولة ما كان السلب داخلاً علي الموضوع، أو المحمول فصار جزءاً منها، ويحدثنا صاحب كتاب منطق المظفر عن جهة الفرق بين معدولة المحمول عن السالبة محصلة المحمول بقوله . 1 ـ في المعنى فإن المقصود بالسلب سلب الحمل، وبمعدولة المحمول حمل السلب أي يكون السلب في المعدولة جزءاً من المحمول فيحمل السلوب بما هو مسلوب على الموضوع . 2 ـ في اللفظ. فإن السالبة تجعل الرابطة فيها بعد السلب لتدل على سلب الحمل والمعدولة تجعل الرابطة فيها قبل حرف السلب لتدل علي حمل السلب، وغالباً تستعمل (ليس) في السالبة و(لا) أو(غير) في المعدولة[1]. وتعرض الدكتور عبدالرحمن بدوي في موسهوعته الفلسفية القضية (المعدولة) هي الّتي موضوعها أومحمولها إسم غير محصل مثل الا إنسان أبيض أو الاإنسان لا أبيض . ـ وذلك في مقابل القضية البسيطة وهي الّتي موضوعوها ومحمولها إسم (محص) والقضية المعدولة المطلقة في وصغها بالعدول هي الّتي محمولها إسم غير محصل كقولك زيد هو غير بصير فقولنا زيد غير بصير قضية موجبة معدولة ويبدو من الدكتور بدوي عدم تفطنه الى الفرق بين القضية في حمل السلب وسلب الحمل فإن المعدولة الموجبة ناظرة الى حمل السلب وفي السالبة المحصلة الى سلب الحمل . ثم يقول الدكتور في توجية الفرق بينهما بقوله ( والفرق بين الموبة المدولة كقولنا زيد هو غير بصير وبين السالبة البسيطة كقولنا زيد ليس هو بصير أما من جهة الصيغة فإن حرف السلب في المعدولة جزء من المحمول كأنك أخذت الغير والبصير شيئاً حاصلاً منهما بالتركيب . فإن أوجبت تلك الجملة لشي واحد كان إيجابنا معدولاً ، وأن سلبت فقلت زيد ليس غير بصير كان سلباً معدولاً . وأما في البسيطة فإن حرف السلب ليس جزءاًمن المحمول بل شيئاً خارجاً عنه داخلاً عليه رافعاً إياه ، وإما من جهة التلازم والدلالة فإن السلالبة البسيطة أعم منهما لأنّ السلب يصبح عن موضوع معدوم والإيجاب كان معدولاً أو تحصلاً فلا يصبح إلأ على موضوع موجود فيصبح أن نعول أن العنقاء ليس هو بصيراً ولا يصح أن نقول أن العنقاء هو غير بصير يصح إيجابه على كل موجود كان عادماً للبصر، ومن شأنه أن يكون له ليس من شأنه أن يكون له بل من شأن نوعه أو جنسه، أو ليس البتة من شأنه أو شأن محمول عليه أن يكون له بصر، والقضية الثنائية الخالية من ظهور الرابطة لا يتميز فيها العدول عن السلب إلا بأحد جهتين (أحدهما) من جهة نية القائل مثلاً إذا قال زيد لا بصير فعني به أن زيدأً ليس هو بصير ـ كان سلباً أو عني إن زيداً هو لا بصير ـ كان إيجابياً معدولاً والثاني من جهة تعارف العادة في اللفظ السالب فإنه أن قال زيد غير بصير، علم إنه إيجاب لأنّ غير يستعمل في المعدول وليس يستعمل في السلب ـ وأما في الثلاثة ـ فإن الإيجاب المعدول متميز من السلب المحصل من كل وجه لأنّ الرابطة أن دخلت على حرف السلب ربطت حرف السلب مع المحمول لشي واحد فأوجبت كقولك زيد ليس هو بصير إلا أن الرابطة تجعل البصير وحده مححمولاً وتترك حرف السلب خارجاً عنه (ابن سيناء النجاة ص 1 ـ 15 ـ 16 ـ القاهرة ط 2 سنة 1938)[2]. ويكون المحصل ما استعرضناه من الآراء أن الإختلاف بين المعدولة والسالبة بحسب الواقع دون الدخالة في مقام القصد وعدمه لأنها أمور إعتبارية والميزان المنطقي مرجعه الى الأمور الواقعية كما إنه لا يرجع الى الإختلاف في مقام الصيغة وعهدلها لأنها أيضاً من الاحكام المجعولة تحت الوضع والجعل اللفظي وإنما جعلت الألفاظ طريقاً للوجود الواقعي . |